اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 134
الفصل الذي عقده عن الأئمة المجتهدين بمصر في كتابه حسن المحاضرة، وقد صرح ببلوغه رتبة الاجتهاد في قوله بعد أن عدد أنواع العلوم التي تبحر فيها «وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى، أقول ذلك تحدثا بنعمة الله تعالى لا فخرا» [1]، وقد تعرض بسبب ذلك لهجوم أعدائه عليه فيذكر السخاوي أنه «قد قام عليه الناس كافة لما ادعى الاجتهاد» [2]، وقد عبر السيوطي عما تعرض له من الهجوم في مقدمة إحدى رسائله بقوله بعد أن ذكر اشتغاله بالعلم وحبه للبحث عن الدقائق والأصول: «وقد أوذيت على ذلك أذى كثيرا من الجاهلين والقاصرين وتلك سنة الله في العلماء السالفين فلم يزالوا مبتلين بأسقاط الخلق وأرذالهم وبمن هو من طائفتهم ممن لم يرتق إلى محلهم» [3]، ثم يذكر بعض من تعرض للأذى من علماء السلف كابن عباس وما تعرض له من نافع بن الأزرق وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وما تعرض له من أهل الكوفة، وما قاساه الشافعي من أهل مصر وما قاساه الغزالي وغيرهم، وينبه السيوطي بعد ذلك إلى حقيقة هامة في أمثال هذه الخصومات ومن يكون فيها على الحق بقوله: «وقد اجتمعوا كلهم عند الله، وظهر لهم المحق من المبطل، والأرفع رتبة عند الله من غيره، وظهر لنا مصداق ذلك في هذه الدار ببقاء كلام هؤلاء الائمة وانتشاره وظهوره واضمحلال من ردّ عليهم وطمس ذلك ودثوره» [4]. وبهذا الرد البليغ يرد على أعدائه معلنا لهم أن الحق هو الذي سيبقى وأن قائله هو الذي ستذكره الأجيال والناس فيما بعد، وأن له أسوة بعلماء السلف الصالح الذين لم تتضح عظمتهم وأقدارهم في أزمانهم بقدر ما اتضحت لمن بعدهم، وهذه العبارة التي أطلقها السيوطي تأخذ الانسان بالدهشة والتأمل لما فيها من صدق الرجل مع نفسه وإحساسه بعظمته وإن لم يقدره أهل عصره.
وقد كتب السيوطي في بلوغه الاجتهاد مؤلفا سماه «الرد على من أخلد إلى [1] السيوطي: حسن المحاضرة ج 1 ص 190. [2] الضوء اللامع ج 4 ص 69. [3] تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة، رسالة بكتاب الحاوي ج 2 ص 509. [4] الرسالة السابقة النص ص 509، 510.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 134