اسم الکتاب : رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 11
رجح من أقوال المذاهب الأربعة ويوفق مع الأقوال قوانين السياسة، وتصير كل الأحكام على ذلك الكتاب، ويبطل الاستفتاء من بقية المذاهب الأربعة. وكان قصد محمد علي من ذلك قطع المشاكل على الأقوال الراجحة بلا اختلاف في أقوال المذاهب، فبدأ ابن العنابي في تأليف ذلك الكتاب [21].
ولما ولي عباس باشا سنة 1265 سعت المشائخ والمفتيون في إبطال هذا الكتاب وافهموا الوالي أن ذلك مما يوجب ضعف الديانة المحمدية واندراسها، وهذا لا يجوز [22] وأفهوه ايضا أن ابن العنابي رجل خارجي زنديق. وقصدهم من ذلك ارتزاقهم من الفتاوى على الاختلاف في المذاهب. وما زالوا به حتى نقم عليه وعزله في تلك السنة، وهي سنة 1266، وولى الفتوى الشيخ محمد البنا [23] مكانه.
وأقام ابن العنابي في بيته مبتعدا عن التداخل في الأمور المذكورة إلى أن توفي في ربيع الأول، سنة 1267 [24] وقد ((كان إماما فاضلا، عارفا بالعبادات والأحكام في المذاهب الأربعة على اختلافها واختلاف أقوالها والراجح منها والضعيف فيها، وعالما في باقي المنقول والعقول، والسياسات العمومية والخصوصية، الخارجية والداخلية)).
((وله أشعار وتقاريظ .. وله غير ذلك مما هو مشهور، وفضله يغني عن ثبت قريض أو إنشاء له)). [21] هو (صيانة الرياسة ببيان القضاء والسياسة) الذي كتب منه عشر كراسات. أنظر قائمة تآليفه. [22] تلك شنشنة من يسمون برجال الدين في كل عصر، أولئك الذين يعميهم التخلف العقلي والطمع الدنيوي فيلبسون الحق بالباطل، والغريب اتهامهم ابن العنابي بالزندقة والخروج عن الدين، بينما أثبت أنه كان مجاهدا بقلمه وحتى بسيفه في سبيل الدين والأوطان. [23] محمد البنا كان من تلاميذ ابن العنابي يوم كان مدرسا بالأزهر أثناء إقامته الأولى بمصر. [24] عاش ابن العنابي 78 سنة تقريبا (1189 - 1267) ولا ندري إن كان لعزله السياسي من منصب الفتوى أثر على وفاته. فالمصادر لا تتحدث عن ذلك، وإنما تتحدث عن كونه قضى بقية أيامه في شرح كتاب التوحيد.
اسم الکتاب : رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 11