اسم الکتاب : رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 10
دخول الفرنسيين مدينة الجزائر أقام ابن العنابي في بيته مطيعا لهم في الظاهر وفي باطن الامر كان يخاطب العربان والعربان يخاطبونه على إثارة الحرب من جديد، فبلغ ذلك الفرنسيين، فهجموا على داره. فلما استشعر الهجوم رمى بالأوراق في بيوت الخلا، ففتشوا فلم يجدوا شيئا، فتوقفوا عنه. ولكن ابن العنابي خاف مغبة الأمر بحيث يوشي به أحد مبغضيه إلى الفرنسيين أو يختلق رسالة يمسكونه بها فتوجه إلى الإسكندرية [20].
وعند حضور ابن العنابي الإسكندرية صادف وفاة مفتيها الشيخ خليل السعدان، فولاه محمد علي والي مصر فتوى الحنفية بدلا عنه. وقد بقي ابن العنابي على ذلك الحال إلى سنة 1266. ذلك أنه في أوائل هذه السنة نقم عليه عباس باشا والي مصر، وحفيد محمد علي، فعزله من الافتاء.
وسبب ذلك العزل أنه في آخر عهد محمد علي صارت أرباب الدعاوى تستفتي المفتيين الفتاوى، واذا ظهر الحق بيد من تكون معه الفتوى يستفتي المدعي عليه بفتوى أخرى على اختلاف أقوال المذاهب، وتعاد رؤية الدعوى، وهكذا. وقد كثر ذلك من أرباب الدعاوى في الفتوى وارتشاء المفتين. فمل من ذلك محمد علي وأحضر إليه ابن العنابي وأمره بتأليف كتاب يجمع فيه ما
ومناورات عسكرية. وكان الأولى بحسين باشا الاستماع إلى آراء ابن العنابي في التجديد والنهضة والعمل بها قبل ذلك. الأوان. أما القائد الفعلي للجيش الجزائري عند الحرب مع الفرنسيين فهو الآغا إبراهيم الذي أثبتت كل المصادر عدم كفاءته العسكرية وكان مؤهله الوحيد هر مصاهرة الباشا. [20] توضح هذه الرواية الدور الفعال الذي لعبه ابن العنابي اثناء الحملة. ولكن اليد الواحدة لا تصفق. والظاهر أن ابن العنابي كان يريد تنظيم ما نسميه اليوم المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين بعد انهيار الجيش الرسمي. وهذا هو المقصود من عبارة (كان يخاطب العربان والعربان يخاطبونه على إثارة الحرب من جديد) أما خروجه من الجزائر فعبارة عبد الحميد بك توحي أن ابن العنابي قد اختار الهجرة بنفسه خوفا من العاقبة، ولكن المصادر الأخرى تؤكد ان كلوزيل هو الذي حكم بنفيه ولفق ضده تهمة تدينه. أنظر (المرآة) لحمدان خوجة. ترجمة محمد العربي الزبيري، الجزائر، 1975، ص 259.
اسم الکتاب : رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 10