ثمَّ قدمنا منازلنا في بلاد بني «سعد»، وما أعلم أرضاً من أرض الله أشدُّ قحطًا منها ولا أقسى جدبًا.
لكنَّ غنمنا جعلت تغدو إليها مع كلِّ صباح، فترعى فيها ثمَّ تعود مع المساء ...
فنحلب منها ما شاء الله أن نحلب، ونشرب من لبنها ما طاب لنا أن نشرب، وما يحلب أحدٌ غيرنا من غنمه قطرةً.
فجعل بنو قومي يقولون لرعيانهم:
ويلكم ... اسرحوا بغنمكم حيث يسرح راعي بنت أبي ذُؤيب.
فصاروا يسرحون بأغنامهم وراء غنمنا؛ غير أنَّهم كانوا يعودون بها وهي جائعةٌ ما ترشح لهم بقطرةٍ.
ولم نزل نتلقَّى من الله البركة والخير حتَّى انقضت سنتا رضاع الصَّبيِّ ...
وتمَّ فطامه ...