اسم الکتاب : الشيخ عز الدين بن عبد السلام - سلطان العلماء وبائع الأمراء المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 108
- وتقيم العدل، وتدعو إلى أن تكون إقامة العدل عن إدراك وتفهم عميق لإبعاده ومراميه، وللمسالك والوسائل المفضية إليه، فمن راعى ذلك وفق إلى جني ثماره، إذ لا ثمرة تجنى دون تصور سليم، وتنفيذ واع حكيم، كما بينت الشريعة أن عاقبة العدل كريمة، وعاقبة الظلم وخيمة [1]، ولهذا نرى: أن الله ينصر الدولة العدالة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة [2].
- شرعت الشريعة من الوسائل ما يتلائم مع تحقيق مقاصدها ويحافظ عليها، ولولا ذلك لفات الكثير، ولذا كان اعتناؤها بالوسائل، كاعتنائا بالمقاصد أولى [3]، واعتبرت الوسائل بمثابة التممات والتكملات [4]، وصارت كل وسيلة تخدم مقتصداً مطلوبة التحصيل، وكل وسيلة لا تؤدي إلى ذلك مطلوبة الترك [5]، كما أنه قد تتحد الوسائل إلى المقصد الواحد، فيقدم أقواها تحصيلاً للمقصد المتوسل إليه، بحيث يحصل كاملاً ميسوراً يقدم على ما هو دونه في هذا التحصيل [6].
إن الله عز وجل قد أكرم الأمة بهذا العالم الجليل صاحب الفهم السليم، والطبع المستقيم، والعلم المتين، في مرحلة حرجة من المراحل التي مرت بها الأمة الإسلامية، من تمزق سياسي، وصراع بين المشاريع، المشروع المغولي، والمشروع الصليبي، وبقايا المذهب الباطني، وكان الابتلاء الكبير بسقوط بغداد في يدي التتار عام 656هـ، فكان للاجتهادات المقاصدية، وفقه المصالح ومراتبه والمفاسد ودراجته أثر كبير في نهوض الأمة من كبوتها وإعادة دورها الحضاري، فبفضل الله ثم جهود العلماء من أمثال العز بن عبد السلام، وسلاطين المماليك، استطاعت الأمة التصدي للمشروع المغولي والمشروع الصليبي ثم القضاء على المشروعين وانتصار الإسلام العظيم في عهد المماليك وهذا ما سوف نعرف تفاصيله بإذن الله تعالى في كتابنا عن المماليك. [1] مقاصد الشريعة عند الإمام العز بن عبد السلام ص 535. [2] مجموع الفتاوى (28/ 26). [3] الفروق 4/ 35) مقاصد الشريعة عند الإمام العز ص 535. [4] قواعد الأحكام (1/ 86) مقاصد الشريعة ص 535. [5] مقاصد الشريعة عند الإمام العز ص 535. [6] المصدر نفسه ص 535.
اسم الکتاب : الشيخ عز الدين بن عبد السلام - سلطان العلماء وبائع الأمراء المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 108