اسم الکتاب : الشيخ عز الدين بن عبد السلام - سلطان العلماء وبائع الأمراء المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 107
[242])، وتداخل المصالح يستدعي إيجاد قواعد وخطط تشريعية يلتزمها المجتهد لإعطاء كل ذي حق حقه فلا يظلم أحد، وأساس هذه القواعد هي: الموازنة بين ما يعود على صاحب الحق من نفع مشروع، وبين ما يلحق الغير من ضرر لازم أو فساد ممنوع وفي هذه الموازنة يتفاوت نظر النظار، وتتعارض فيه الخواطر والأفكار، لذا أكد الإمام على الفهم السليم والطبع المستقيم، ولقد استطاع أن يستنبط من استقرائه للشريعة سلماً للمصالح يندرج بحسب آثارها في دنيا الناس فتحدث عن الضروري، والحاجي، والتحسين، وبنى على ذلك مواقف عملية حتى يتمكن الناس من الموازنة بين المصالح وترتيبها، فلا يقعوا أمام طريق مسدود يجعلهم مخيرين بين مصالح الدنيا أو الآخرة، ولو وضع المسلمون هذا السلم نصب أعينهم قبل اتخاذ بعض القرارات أو تبين بعض المواقف لسلمت الأمة - الآن - من كثير مما هي فيه من المشاكل.
- كما أنها تراعي التخفيف والتيسير، وترفع الحرج عن الناس باعتبارها شريعة عملية واقعية تسعى إلى أن تكون واقعاً حيا في نفوس أتباعها، ولا يتم ذلك إلا بسلوك الرفق والتيسير، ذلك بأن اليسر من الفطرة، والنفوس مجبولة على حب الرفق، والنفور من الشدة والإعنات، ومن هنا كان الحرج مرفوعاً والمشقة منضبطة؛ وليس لمراد بنفي المشقة أن لا مشقة ولا كلفة في شيء من التكاليف الشرعية أصلاً، بل المراد أن تكون المشقة في حدود طاقة المكلفين، كما أن الدعوة إلى التيسير ليست على إطلاقها، بل المراد أن يكون التيسير بقدر لا يفضي إلى انخرام مقاصد الشريعة، وإلا لزم إرتفاع جميع التكاليف أو أكثرها.
اسم الکتاب : الشيخ عز الدين بن عبد السلام - سلطان العلماء وبائع الأمراء المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 107