responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 92
{قُلْنَا} استئناف مبنيٌ على سؤال ينسحبُ عليه الكلامُ كأنَّه قيل فماذا وقع بعد قَبولِ توبتِه فقيل قلنا
{اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا} كُرِّر الأمرُ بالهبوط إيذاناً بتحتم مقتضاه وتحقُّقه لا محالة ودفعاً لما عسى يقعُ في أمنيَّتِه عليه السلام من استتباع قبول التوبةِ للعفو عن ذلك واظهار لنوع رأفةٍ به عليه السلام لما بين الأمرين من الفرق النيّر كيف لا والأولُ مشوبٌ بضرب سخطٍ مذيلٍ ببيان أن مهبِطهم دارُ بليةٍ وتعادٍ لا يخلدون فيها والثاني مقرون بوعد إيتاء الهدى المؤدي إلى النجاة والنجاح وأما ما فيه من وعيد العقاب فليس بمقصود من التكليف قصداً أولياً بل إنما هو دائرٌ على سوء اختيارِ المكلفين قيل وفيه تنبيه على أن الحازم يكفيه بالردع عن مخالفةَ حكمِ الله تعالى مخافةُ الإهباط المقترنِ بأحد هذين الأمرين فكيف بالمقترن بهما فتأمل وقيل الأول من الجنة إلى السماء الدنيا والثاني منها إلى الأرض ويأباه التعرضُ لاستقرارهم في الأرض في الأول ورجوع الضمير

البقرة (38 - 37)
الاستقرار
{مُّسْتَقِرٌّ} أي استقرارٌ أو موضعُ استقرارٍ
{ومتاع} أي تمتّعٌ بالعيش وانتفاعٌ به
{إلى حِينٍ} هو حينُ الموت على أن المُغيَّا تمتُّع كلِّ فردٍ من المخاطبين أو القيامة على أنه تمتع الجنس في ضمن بعض الأفراد والجملة كما قبلها في كونها حالاً أي مستحقين للاستقرار والتمتع أو استئنافاً

{فتلقى آدم مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} أي استقبلها بالأخذ والقبولِ والعملِ بها حين علِمَها ووُفّق لها وقرئ بنصب آدمَ ورفع كلماتٌ دلالةً على أنها استقبلته بلغته وهي قوله تعالى {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} الآية وقيل سُبحانَكَ اللَّهم وبحمدِك وتباركَ اسمُك وتعالى جدُّك لا إله إلا أنت ظلمتُ نفسي فاغفرْ لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال يا رب ألم تخلُقْني بيدك قال بلى قال يا رب ألم تنفُخْ فيَّ من روحك قال بلى قال يا رب ألم تسبِقْ رحمتُك غضبك قال بلى قال ألم تسكنّي جنتَك قال بلى قال يا رب اني تبتُ وأصلحتُ أراجعي أنت إلى الجنة قال نعم والفاءُ للدِلالة على أن التوبة حصلت عَقيب الأمر بالهبوط قبل تحقق المأمور به والتعرضُ لعنوانِ الربوبيةِ مع الإضافة إليه عليه السلام للتشريف والإيذان بعلّيته لإلقاء الكلمات المدلول عليه بتلقيها
{فَتَابَ عَلَيْهِ} أي رجع عليه بالرحمة وقَبولِ التوبةِ والفاء للدلالة على ترتبه على تلقي الكلمات المتضمن لمعنى التوبة التي هي عبارةٌ عن الاعتراف بالذنب والندمِ عليه والعزمِ على عدم العود إليه واكتُفي بذكر شأن آدمَ عليه السَّلامُ لما أن حواءَ تبَعٌ له في الحُكم ولذلك طُوي ذكرُ النساء في أكثر مواقع الكتاب والسنة
{إِنَّهُ هُوَ التواب} أي الرجّاع على عباده بالمغفرة أو الذي يُكثر إعانتَهم على التوبة وأصلُ التوب الرجوع فإذا وصف به العبد كان رجوعا عن المعصية وإذا وصف به الباري عز وعلا أريد به الرجوعُ عن العقاب إلى المغفرة
{الرحيم} المبالِغُ في الرحمة وفي الجمع بين الوصفين وعدٌ بليغٌ للتائب بالإحسان مع العفو والغفران والجملة تعليلٌ لقوله تعالى {فتاب عليه}

اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست