responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 93
{والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بآياتنا} عطف على من تِبعَ الخ قسيمٌ له كأنه قيل ومن لم يتْبَعْه وإنما أوثر عليه ما ذكر تفظيعاً لحال الضلالةِ وإظهار لكمالِ قُبحِها وإيراد الموصولِ بصيغة الجمعِ للإشعار بكثرة الكفرة والجمعُ بين الكفر والتكذيب للإيذان بتنوّع الهدى إلى ما ذكر من النوعين وإيراد نونِ العظمةِ لتربيةِ المهابةِ وإدخال الروعة وإضافةُ الآياتِ إليها لإظهار كمالِ قبحِ التكذيبِ بها أي والذين كفروا برُسُلنا المرسلةِ إليهم وكذبوا بآياتنا المنزلة عليهم وقيل المعنى كفروا بالله وكذبوا بآياته التي أنزلها على الأنبياءِ عليهم السلامُ أو أظهَرها بأيديهم من المعجزات وقيل كفروا بالآيات جَناناً وكذبوا بها لساناً فيكون كلا الفعلين متوجهاً إلى الجار والمجرور والآية في الأصل العلامة الظاهرة قال النابغة
توهمْتُ آياتٍ لها فعرَفتُها ... لستة أعوامٍ وذا العامُ سابعُ

ويقال للمصنوعات من حيث دلالتُها على الصانع تعالى وعلمِه وقدرتِه ولكل طائفةٍ من كلمات القرآنِ المتميِّزة عن غيرها بفصل لأنها علامةٌ لانفصال ما قبلها مما بعدها وقيل لأنها تُجْمَعُ كلماتٌ منه فيكون من قولهم خرج فلان بآيتهم أي

البقرة (39)
إلى الجنة في الثاني وجميعا حال في اللفظ وتأكيدٌ في المَعَنى كأنَّه قيلَ اهبطوا أنتم أجمعون ولذلك لا يستدعي الاجتماعَ على الهبوط في زمان واحد كما في قولك جاؤوا جميعاً بخلاف قولك جاءوا معاً
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى} الفاءُ لترتيب ما بعدها على الهبوط المفهوم من الأمر به وإما مركبةٌ من إنِ الشرطيةِ وما المزيدة المؤكدة لمعناها والفعل في محل الجزم بالشرط لأنه مبنيٌّ لاتصاله بنون التأكيد وقيل معرب مطلقاً وقيل مبني مطلقاً والصحيحُ التفصيل إن باشرَتْه النونُ بُني وإلا أُعرب نحو هل يقومانِّ وتقديمُ الظرفِ على الفاعلِ لما مرَّ غيرَ مرة والمعنى إن يأتينكم مني هدى برسول أبعثُه إليكم وكتابٍ أُنزله عليكم وجواب الشرط قوله تعالى
{فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} كما في قولك إن جئتني فإن قدِرْت أحسنتُ إليك وإيرادِ كلمة الشَّكِّ مع تحقيق الإتيان لا محالة للإيذان بأن الإيمانَ بالله والتوحيد لا يشترط فيه بعثةُ الرسلِ وإنزالُ الكتب بل يكفي في وجوبه إفاضةُ العقل ونصب الأدلة الآفاقية والأنفسية والتمكينُ من النظر والاستدلال أو للجري على سَنن العظماء في إيراد عسى ولعل في مواقعِ القطعِ والجزم والمعنى أن من تبع هدايَ منكم فلا خوفٌ عَلَيْهِمْ في الدارين من لُحوق مكروهٍ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ من فواتِ مطلوبِ أي لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا أنه يعتريهم ذلك لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا أنه لا يعتريهم نفسُ الخوف والحُزن أصلاً بل يستمرون على السرور والنشاط كيف لا واستشعارُ الخوفِ والخشيةِ استعظاماً لجلال الله سبحانه وهيبتِه واستقصاراً للجد والسعي في إقامة حقوقِ العبوديةِ من خصائص الخواصِّ والمقرَّبين والمرادُ بيانُ دوامِ انتفائِهما لا بيانُ انتفاءِ دوامها كما يُتوهم من كون الخبر في الجملة الثانية مضارعاً لما تقرر في موضعه أن النفيَ وإن دخل على نفس المضارع يفيد الدوام والاستمرارَ بحسب المقام وإظهارُ الهدى مضافاً إلى ضمير الجلالةِ لتعظيمِه وتأكيدِ وجوب اتّباعه أو لأن المراد بالثاني ما هو أعمُّ من الهدايات التشريعية وما ذكر من إفاضة العقل ونصب الأدلة الآفاقيةِ والأنفسية كما قيل وقرئ هُدَيَّ على لغة هذيل ولا خوفَ بالفتح

اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست