responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 179
{وَلاَ تَقُولُواْ} عطف على استعينوا الخ مَسوقٌ لبيان ان لا غائلة للمأمور به وأن الشهادةُ التي ربما يؤدي إليها الصبرُ حياةٌ أبدية
{لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبيلِ الله أَمْوَاتٌ} أي هم أموات
{بَلْ أَحْيَاء} أي بل هم أحياءٌ
{وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} بحياتهم وفية رمزٌ إلى أنها ليست مما يُشعِر به بالمشاعر الظاهرةِ من الحياة الجُسمانية وإنما هي أمرٌ روحاني لا يُدرَكُ بالعقل بل بالوحي وعنِ الحسنِ رحمَهُ الله أن الشهداءَ أحياءٌ عند الله تُعرَضُ أرزاقُهم على أرواحِهم فيصلُ إليهم الرَّوْحُ والفَرَحُ كما تُعرض النارُ على آل فِرعونَ غدُوّاً وعشياً فيصلُ إليهم الألمُ والوجَع قلت رأيت في المنام سنة

{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ} وصفَهم بالإيمان إثرَ تعدادِ ما يوجبه ويقتضيه تنشيطاً لهم وحثاً على مراعاة ما يعقُبه من الأمر
{استعينوا} في كل ما تأتون وما تذرون
{بالصبر} على الأمور الشاقةِ على النفس التي من جملتها معاداةُ الكَفَرة ومقابلتُهم المؤديةُ إلى مقاتلتهم
{والصلاة} التي هي أمُّ العبادات ومِعراجُ المؤمنين ومناجاةُ ربِّ العالمين
{إِنَّ الله مَعَ الصابرين} تعليل للأمر بالاستعانة بالصبر خاصة لما أنه المحتاجُ إلى التعليل وأما الصلاةُ فحيث كانت عند المؤمنين اجل المطالب كما ينبئ عنه قولُه عليه السلام وجُعلت قُرةُ عيني في الصلاة لم يفتقر الأمرُ بالاستعانة بها إلى التعليل ومعنى المعية الولايةُ الدائمةُ المستتبِعة للنُصرة وإجابةِ الدعوة ودخول مع على الصابرين لما أنهم المباشِرون للصبر حقيقةً فهم متبوعون من تلك الحيثية

{فاذكرونى} الفاءُ للدلالة على ترتب الأمرِ على ما قبله من موجباته أي فاذكروني بالطاعة
{أَذْكُرْكُمْ} بالثواب وهو تحريضٌ على الذكر مع الإشعار بما يوجبُه
{واشكروا لِي} ما أنعمتُ به عليكم من النعم
{وَلاَ تَكْفُرُونِ} بجَحدها وعِصيان ما أمرتُكم به

البقرة (154 - 152)
هيَ عبارةٌ عنْ تكميلِ النفسِ بحسَبِ القوةِ العمليةِ وتهذيبِهَا المتفرعِ عَلَى تكميلِهَا بحسبِ القوةِ النظريةِ الحاصلِ بالتعليمِ المترتبِ على التلاوةِ للإيذانِ بأنَّ كلاً منَ الأمورِ المترتبةِ نعمةٌ جليلةٌ على حيالِهَا مستوجبةٌ للشكرِ فَلَو رُوعِي ترتيبَ الوجودِ كما في قوله تعالى وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ يتلو عَلَيْهِمْ آياتك وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة وَيُزَكّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم لتبادَر إلى الفهمِ كونُ الكلِّ نعمةً واحدةً كمَا مر نظيرُه في قصة البقرةِ وهُوَ السرُّ في التعبيرِ عن القرآنِ تارةً بالآياتِ وَأُخْرَى بالكتابِ والحِكمة رمزاً إلى أنَّه باعتبارِ كلِّ عنوانٍ نعمةٌ عَلى حدةٍ ولا يقدحُ فيهِ شمولُ الحكمةِ لِمَا في تضاعيف الأحاديثِ الشريفةِ من الشرائع وقولُه عز وجل
{وَيُعَلّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} صريحٌ في ذلك فإن الموصولَ مع كونه عبارةً عن الكتاب والحِكمة قطعاً قد عُطف تعليمُه على تعليمهما وما ذلك إلا لتفصيل فنونِ النعم في مقامٍ يقتضيه كما في قوله تعالى وَنَجَّيْنَاهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ عقيب قولِه تعالى نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا والمراد بعدم علمِهم أنه ليس من شأنهم أن يعلموه بالفكر والنظر وغيرِ ذلك من طرق العلم لانحصار الطريقِ في الوحي

اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست