اسم الکتاب : تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل المؤلف : ابن جزي الكلبي الجزء : 1 صفحة : 21
بالأندلس وسائر المغرب بشيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير. فلقد قطع عمره في خدمة القرآن وآتاه الله بسطة في علمه. وقوّة في فهمه. وله فيه تحقيق. ونظر دقيق. ومما بأيدينا من تأليف أهل المشرق تفسير أبو القاسم [محمود بن عمر] الزمخشري فمسدّد النظر بارع في الإعراب متقن في علم البيان. إلّا أنه ملأ كتابه من مذهب المعتزلة وشرهم. وحمل آيات القرآن على طريقتهم. فتكدر صفوه. وتمرّر حلوه. فخذ منه ما صفا ودع ما كدر. وأما القرنوي فكتابه مختصر. وفيه من التصوف نكت بديعة. وأما ابن الخطيب فتضمن كتابه ما في كتاب الزمخشري وزاد عليه إشباعا في قواعد علم الكلام. ونمقه بترتيب المسائل. وتدقيق النظر في بعض المواضع. وهو على الجملة كتاب كبير الحجم. ربما يحتاج إلى تلخيص، والله ينفع الجميع بخدمة كتابه. ويجزيهم أفضل ثوابه.
الباب السنابع في الناسخ والمنسوخ: النسخ في اللغة: هو الإزالة والنقل. ومعناه في الشريعة: رفع الحكم الشرعي بعد ما نزل، ووقع في القرآن على ثلاثة أوجه: الأوّل: نسخ اللفظ والمعنى كقوله: (لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم) [1] . الثاني: نسخ اللفظ دون المعنى كقوله: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) .
الثالث: نسخ المعنى دون اللفظ وهو كثير وقع منه في القرآن على ما عدّ بعض العلماء مائتا موضع وثنتا عشرة مواضع منسوخة، إلّا أنهم عدوا التخصيص والتقييد نسخا، والاستثناء نسخا، وبين هذه الأشياء وبين النسخ: فروق معروفة، وسنتكلم على ذلك في مواضعه.
ونقدّم هنا ما جاء من نسخ مسالمة الكفار والعفو عنهم والإعراض والصبر على أذاهم، بالأمر بقتالهم ليغني ذلك عن تكراره في مواضعه، فإنه وقع منه في القرآن مائة آية وأربع عشرة آية من أربع وخمسين آية، ففي البقرة وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83] وَلَنا أَعْمالُنا [البقرة: 139] وَلا تَعْتَدُوا [البقرة: 190] أي لا تبدءوا بالقتال وَلا تُقاتِلُوهُمْ [البقرة: 191] قُلْ قِتالٌ [البقرة: 217] لا إِكْراهَ [البقرة: 256] وفي آل عمران فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ [آل عمران: 20] مِنْهُمْ تُقاةً [آل عمران: 28] وفي النساء فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [النساء: 63- 81] في موضعين فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً [النساء:
79] لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء: 83] إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ [النساء: 89] وفي المائدة وَلَا آمِّينَ [المائدة: 2] عَلَيْكَ الْبَلاغُ [المائدة: 3- 20] عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ [المائدة: 105] وفي الأنعام لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 66] ثُمَّ ذَرْهُمْ [الأنعام:
91] عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [الأنعام: 104] وَأَعْرِضْ [الأنعام: 106] عَلَيْهِمْ حَفِيظاً [الأنعام: 107] وَلا تَسُبُّوا [الأنعام: 108] قدرهم في موضعين يا قَوْمِ اعْمَلُوا [الأنعام: 135] قُلِ انْتَظِرُوا [الأنعام: 158] لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159] وفي الأعراف: وَأَعْرِضْ [الأعراف: 68] وَأُمْلِي لَهُمْ [الأعراف: 182] وفي الأنفال [1] ذكرها السيوطي في الإتقان ج 2 ص 25.
اسم الکتاب : تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل المؤلف : ابن جزي الكلبي الجزء : 1 صفحة : 21