اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 430
منزلتهم بقوله: وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، ومعنى الفوقيَّة هنا في الدرجَةِ والقَدْر ويحتمل أن يريد أنَّ نعيم المتَّقِينَ في الآخرة فوق نعيم هؤلاء الآن. قلت: وحكى الداوديّ عن قتادة: فوقهم يوم القيامة. قال: فَوْقَهُم في الجنّة [1] . انتهى.
ومهما ذكرت الداوديّ في هذا «المختصر» ، فإِنما أريد أحمد بن نَصْرٍ الفقيهَ المَالِكِيَّ، ومن تفسيره أنا أنقل. انتهى.
فإِن تشوَّفَتْ نفسُك أيها الأخُ إِلى هذه الفوقيَّة، ونَيْلِ هذه الدرجة العَليَّة، فارفض دنياك الدنيَّة، وازهَدْ فيها بالكليَّة لتسلَمَ من كل آفة وبليَّة، واقتد في ذلك بخَيْر البريَّهْ. قال عِيَاضٌ في «شِفَاهُ» [2] : فانظُرْ- رحمك الله- سيرة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلم وخُلُقَه في المال، تجده قد أوتي خزائنَ الأرْض [ومفاتيح البلاد، وأُحلّت له الغنائم [3] ، ولم تحلَّ لنبي قبله، وفتح عليه في حياته صلّى الله عليه وسلم بلاد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العرب، وما دانى ذلك من الشام والعراق] [4] ، وجُبِيَتْ إِلَيْه الأخماس، [وصدقاتها ما لا يجبى [5] للملوك إِلاَّ بعضه] [6] ، وهادَتْه جماعةٌ من الملوك، فما استأثر بشيء من ذلك، ولا أمْسَكَ دِرْهَماً منْه، بل صرفه مصارفه، وأغنى به غيره، وقوى به المسلمين، ومات صلّى الله عليه وسلم، ودِرْعُهُ مرهُونَةٌ في نفقةِ عيَالِهِ، واقتصر من نفقته ومَلْبَسِهِ على ما تدْعُوه ضرُورتُهُ إِليه، وزهد فيما سواه، فكان- عليه [1] أخرجه الطبري (2/ 346) رقم (4050) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 285) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 434) ، وعزاه لعبد الرزاق عن قتادة. [.....] [2] ينظر: «الشفا» (122- 123) . [3] الغنيمة في اللغة: ما ينال الرجل أو الجماعة بسعي، ومن ذلك قول الشاعر: [الوافر]
وقد طوّفت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب
وتطلق الغنيمة على الفوز بالشيء بلا مشقة، ومن قولهم للشيء يحصل عليه الإنسان عفوا بلا مشقة:
«غنيمة باردة» .
واصطلاحا: عرفها الشافعية بأنها: مال أو مال ألحق به، كخمر محترمة، حصل لنا من كفار أصليين حربيين، مما هو لهم بقتال منا، أو إيجاف خيل ما، أو نحو ذلك.
وعرفها الحنفية: بما نيل من أهل الشرك عنوة أي قهرا، أو غلبة والحرب قائمة.
وعرفها المالكية: بأنها اسم لما أخذه المسلمون من الكفار بإيجاف الخيل أو الركاب.
وعرفها الحنابلة: بأنها ما أخذ من مال حربي قهرا بقتال وما ألحق به.
ينظر: «الإقناع» للخطيب الشربيني (2/ 517) ، «أنيس الفقهاء» (183) ، و «كشاف القناع» (3/ 77) . [4] من «الشفا» (1/ 123) . [5] يجبى: يجمع. [6] من «الشفا» (1/ 123) .
اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 430