اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 429
وأما الْمَلائِكَةُ، فالوعيد بإِتيانهم عنْدَ المَوْت والغمامُ: أرقُّ السحابِ، وأصفاه وأحسنه، وهو الذي ظُلِّلَ به بنو إِسرائيل.
وقال النَّقَّاش: هو ضَبَابٌ أبيض، وقُضِيَ الأمرُ: معناه وقع الجزاء، وعُذِّبَ أهل العصيان، وقرأ معاذ بن جَبَلٍ [1] : «وقضاء الأمر» .
وإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ: هي راجعةٌ إِليه سبحانه قَبْل وبَعْد، وإِنما نبه بذكْر ذلك في يَوْم القيامة على زوالِ ما كان منها إلى الملوك في الدنيا.
[سورة البقرة [2] : الآيات 211 الى 212]
سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (211) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (212)
وقوله سبحانه: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ ... الآية: معنى الآية: توبيخُهم على عنادهم بعد الآياتِ البيِّناتِ، والمراد بالآيةِ: كم جاءَهُمْ في أمر محمّد صلّى الله عليه وسلم من آية معرّفة به دالّة عليه، ونِعْمَةَ اللَّهِ: لفْظٌ عامٌّ لجميع إِنعامه ولكنْ يقوِّي من حال النبيّ صلّى الله عليه وسلم معهم أنَّ المشار إِليه هنا هو محمَّد صلّى الله عليه وسلم فالمعنى: ومن يبدِّلْ من بني إِسرائيل صفةَ نعمة اللَّه، ثم جاء اللفظ منسحباً على كلِّ مبدِّل نعمةً للَّه، ويدخل في اللفظ كفّار قريش/، والتوراة أيضا نعمة 52 ب على بني إِسرائيل، فبدَّلوها بالتحريفِ لها، وجَحْدِ أمر محمّد صلّى الله عليه وسلم، فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ: خبرٌ يتضمنُ الوعيد.
وقوله تعالى: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا ... الآية: الإِشارة إِلى كفار قريشٍ لأنهم كانوا يعظمون حالهم من الدنيا، ويغتبطون بها، ويسخرون من أتْبَاعِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلم كبلالٍ [2] ، وصُهَيْبٍ، وابنِ مَسْعودٍ، وغيرهم، فذكر اللَّه قبيح فعلهم، ونبه على خفض [1] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 284) ، و «الكشاف» (1/ 254) ، وفيه أنها عطف على «الملائكة» ، وينظر: «الشواذ» (ص 20) . [2] بلال بن رباح. هو بلال بن حمامة. أبو عبد الرحمن. الحبشي. مؤذن النبي صلّى الله عليه وسلم قال ابن حجر: اشتراه أبو بكر الصديق من المشركين لما كانوا يعذبونه على التوحيد، فأعتقه، فلزم النبي وأذن له، وشهد معه جميع المشاهد، وآخى النبي بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، ثم خرج بلال بعد النبي مجاهدا. توفي ب «الشام» .
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (1/ 243) ، «الإصابة» (1/ 170) ، «الاستيعاب» (1/ 178) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 56) ، «التاريخ الكبير» (2/ 106) ، «الجرح والتعديل» (2/ 395) ، «الثقات» (3/ 28) ، «تهذيب الكمال» (1/ 140) ، «تهذيب التهذيب» (1/ 502) ، «العبر» (1/ 24) ، «تقريب التهذيب» (1/ 110) ، «التحفة اللطيفة» (1/ 382) ، «الحلية» (1/ 147) .
اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 429