responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 16
عَلَى مَا كَانَ، وَهُوَ عَدَمُ التَّقْرِيرِ، فَبِهَذِهِ الْوُجُوهِ ظَهَرَ تَرْجِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ، أَيْ لِأَيِّ وَجْهٍ وَلِأَيِّ مَعْنًى تَفْعَلُونَ هَذَا؟ فَإِنَّهَا بَذَلَتْ نَفْسَهَا لَكَ وَجَعَلَتْ ذَاتَهَا لَذَّتَكَ وَتَمَتُّعَكَ، وَحَصَلَتِ الْأُلْفَةُ التَّامَّةُ وَالْمَوَدَّةُ الْكَامِلَةُ بَيْنَكُمَا، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهَا شَيْئًا بَذَلَهُ لَهَا بِطِيبَةِ نَفْسِهِ؟ إِنَّ هَذَا لَا يَلِيقُ الْبَتَّةَ بِمَنْ لَهُ طَبْعٌ سَلِيمٌ وَذَوْقٌ مُسْتَقِيمٌ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه مَانِعًا مِنَ اسْتِرْدَادِ الْمَهْرِ قَوْلُهُ: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: قَالَ السُّدِّيُّ وَعِكْرِمَةُ وَالْفَرَّاءُ: هُوَ قَوْلُهُمْ زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ عَلَى مَا أَخَذَهُ اللَّه لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ، مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا أَلْجَأَهَا إِلَى أَنْ بَذَلَتِ الْمَهْرَ فَمَا سَرَّحَهَا بِالْإِحْسَانِ، بَلْ سَرَّحَهَا بِالْإِسَاءَةِ. الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: الْمِيثَاقُ الْغَلِيظُ كَلِمَةُ النِّكَاحِ الْمَعْقُودَةُ عَلَى الصَّدَاقِ، وَتِلْكَ الْكَلِمَةُ كَلِمَةٌ تُسْتَحَلُّ بِهَا فُرُوجُ النِّسَاءِ،
قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُّوا اللَّه فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه وَاسْتَحْلَلْتُمْ/ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً أَيْ أَخَذْنَ مِنْكُمْ بِسَبَبِ إِفْضَاءِ بَعْضِكُمْ إِلَى بَعْضٍ مِيثَاقًا غَلِيظًا، وَصَفَهُ بِالْغِلْظَةِ لِقُوَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَقَالُوا: صُحْبَةُ عِشْرِينَ يَوْمًا قَرَابَةٌ، فَكَيْفَ بِمَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الِاتِّحَادِ والامتزاج.

[سورة النساء (4) : آية 22]
وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (22)
النَّوْعُ الْخَامِسُ: مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي كَلَّفَ اللَّه تَعَالَى بِهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْأُمُورِ المتعلقة بالنساء.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَزَوَّجُونَ بِأَزْوَاجِ آبَائِهِمْ فَنَهَاهُمُ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَةِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِمَزْنِيَّةِ أَبِيهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِ: لَا يَحْرُمُ احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى نَهَى الرَّجُلَ أَنْ يَنْكِحَ مَنْكُوحَةَ أبيه، والنكاح عبارة عن الوطء فكان هذا نَهْيًا عَنْ نِكَاحِ مَوْطُوءَةِ أَبِيهِ، إِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ النِّكَاحَ عِبَارَةٌ عَنِ الْوَطْءِ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ:
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [الْبَقَرَةِ: 230] أَضَافَ هَذَا النِّكَاحَ إِلَى الزَّوْجِ، وَالنِّكَاحُ الْمُضَافُ إِلَى الزَّوْجِ هُوَ الْوَطْءُ لَا الْعَقْدُ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِزَوْجَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْعَقْدَ لَوَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ التَّحْلِيلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ هُوَ الْعَقْدَ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْوَطْءَ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ، الثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ [النساء: 6] والمراد من النكاح هاهنا الْوَطْءُ لَا الْعَقْدُ، لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ كَانَتْ حَاصِلَةً أَبَدًا. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً [النُّورِ:
3] فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ هاهنا الْعَقْدَ لَزِمَ الْكَذِبُ. الرَّابِعُ:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «نَاكِحُ الْيَدِ مَلْعُونٌ»
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ هُوَ الْعَقْدَ بَلْ هُوَ الْوَطْءُ. فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّ النِّكَاحَ عِبَارَةٌ عَنِ الْوَطْءِ، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى:

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست