responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 179
إِلَيْهِ قَوْلُهُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ أَوَائِلِ سَائِرِ السُّوَرِ أَمْ لَا: أَمَّا الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْأَصْحَابِ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ قُرْآنٌ مِنْ سَائِرِ السُّوَرِ، وَجَعَلُوا الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّهَا هَلْ هِيَ آيَةٌ تَامَّةٌ وَحْدَهَا مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ أَوْ هِيَ وَمَا بَعْدَهَا آيَةٌ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّ الشَّافِعِيَّ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ قَبْلَهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّ بِسْمِ اللَّهِ آيَةٌ مِنْ أَوَائِلِ سَائِرِ السُّوَرِ، وَدَلِيلُنَا أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ مَكْتُوبٌ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ فَوَجَبَ كَوْنُهُ قُرْآنًا، وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا
رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي سُورَةِ الْمُلْكِ: إِنَّهَا ثَلَاثُونَ آيَةً، وَفِي سُورَةِ الْكَوْثَرِ: إِنَّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ،
ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ حَاصِلٌ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ التَّسْمِيَةُ آيَةً مِنْ هَذِهِ السُّوَرِ، وَالْجَوَابُ أَنَّا إِذَا قُلْنَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَعَ مَا بَعْدَهُ آيَةٌ وَاحِدَةٌ فَهَذَا الْإِشْكَالُ زَائِلٌ، فَإِنْ قَالُوا: لَمَّا اعْتَرَفْتُمْ بِأَنَّهَا آيَةٌ تَامَّةٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ فَكَيْفَ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَقُولُوا إِنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ مِنْ سَائِرِ السُّوَرِ؟ قُلْنَا: هَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ قوله الحمد لله رب العالمين آية تامة، ثُمَّ صَارَ مَجْمُوعُ قَوْلِهِ: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [يُونُسَ: 10] آيَةً وَاحِدَةً: فَكَذَا هَاهُنَا وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ سُورَةُ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ يَعْنِي مَا هُوَ خَاصِّيَّةُ هَذِهِ السُّورَةِ ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ فَهِيَ كَالشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ فِيهِ بَيْنَ جَمِيعِ السُّورِ، فَسَقَطَ هَذَا السُّؤَالُ.
الجهر بالبسملة في الصلاة:
المسألة التاسعة [الجهر بالبسملة في الصلاة] : يُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّسْمِيَةُ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ إِلَّا أَنَّهُ يُسَرُّ بِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا آيَةٌ مِنْهَا وَيَجْهَرُ بِهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ إِلَّا أَنَّهَا يُسَرُّ بِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَا يُجْهَرُ بِهَا أَيْضًا، فَنَقُولُ: الْجَهْرُ بِهَا سُنَّةٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ وَحُجَجٌ.
الْحُجَّةُ الْأُولَى: قَدْ دَلَلْنَا عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الِاسْتِقْرَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّ السُّورَةَ الْوَاحِدَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِتَمَامِهَا سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا سِرِّيًّا/ وَبَعْضُهَا جَهْرِيًّا فَهَذَا مَفْقُودٌ فِي جَمِيعِ السُّوَرِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا كَانَ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ مَشْرُوعًا فِي الْقِرَاءَةِ الْجَهْرِيَّةِ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ قَوْلَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا شَكَّ أَنَّهُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَذِكْرٌ لَهُ بِالتَّعْظِيمِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِعْلَانُ بِهِ مَشْرُوعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [الْبَقَرَةِ: 200] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ مُفْتَخِرًا بِأَبِيهِ غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْلِنُ بِذِكْرِهِ وَيُبَالِغُ فِي إِظْهَارِهِ أَمَّا إِذَا أَخْفَى ذِكْرَهُ أَوْ أَسَرَّهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِهِ مُسْتَنْكِفًا مِنْهُ، فَإِذَا كَانَ الْمُفْتَخِرُ بِأَبِيهِ يُبَالِغُ فِي الْإِعْلَانِ وَالْإِظْهَارِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِعْلَانُ ذِكْرِ اللَّهِ أَوْلَى عَمَلًا بِقَوْلِهِ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: هِيَ أَنَّ الْجَهْرَ بِذِكْرِ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُفْتَخِرًا بِذَلِكَ الذِّكْرِ غَيْرَ مبالٍ بِإِنْكَارِ مَنْ يُنْكِرُهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُسْتَحْسَنٌ فِي الْعَقْلِ، فَيَكُونُ فِي الشَّرْعِ كَذَلِكَ،
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ»
وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا الْكَلَامَ أَيْضًا أَنَّ الْإِخْفَاءَ وَالسِّرَّ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِمَا يَكُونُ فِيهِ عَيْبٌ وَنُقْصَانٌ فَيُخْفِيهِ الرَّجُلُ وَيُسِرُّهُ، لِئَلَّا يَنْكَشِفَ ذَلِكَ الْعَيْبُ. أَمَّا الَّذِي يُفِيدُ أَعْظَمَ أَنْوَاعِ الْفَخْرِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمَنْقَبَةِ فَكَيْفَ يليق بالعقل إخفائه؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا مَنْقَبَةَ لِلْعَبْدِ أَعْلَى وَأَكْمَلُ من كونه ذاكراً الله بِالتَّعْظِيمِ، وَلِهَذَا
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «طُوبَى لِمَنْ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست