responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَلْ هِيَ مِنَ الْفَاتِحَةِ أَمْ لَا، لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بَيَانُ شَيْءٍ آخَرَ، فَكَانَتْ دَلَائِلُنَا أَقْوَى وَأَظْهَرُ.
الْخَامِسُ: أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَنَا أَقْرَبُ إِلَى الِاحْتِيَاطِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ حُجَّتِهِمُ الثَّانِيَةِ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: لَعَلَّ عَائِشَةَ جَعَلَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اسْمًا لِهَذِهِ السُّورَةِ، كَمَا يُقَالُ: قَرَأَ فُلَانٌ «الحمد لله الذي خلق السموات» وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ/ السُّورَةَ، فَكَذَا هَاهُنَا، وَتَمَامُ الْجَوَابِ عَنْ خَبَرِ أَنَسٍ سَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْحُجَّةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ التَّكْرَارَ لِأَجْلِ التَّأْكِيدِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَتَأْكِيدُ كَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى رَحْمَانًا رَحِيمًا مِنْ أَعْظَمِ الْمُهِمَّاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: فِي بَيَانِ عَدَدِ آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ، رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الشَّاذَّةِ أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ كَانَ يَقُولُ: هَذِهِ السُّورَةُ ثَمَانُ آيَاتٍ، فَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي أَطْبَقَ الْأَكْثَرُونَ عَلَيْهَا أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ سَبْعُ آيَاتٍ، وَبِهِ فَسَّرُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي [الْحِجْرِ: 87] إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ قَالُوا إِنَّ قَوْلَهُ: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آيَةٌ تَامَّةٌ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ التَّسْمِيَةَ مِنَ السُّورَةِ لَا جَرَمَ قَالَ قَوْلُهُ: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية، وقوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آيَةٌ أُخْرَى، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوْلَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَقْطَعَ قَوْلِهِ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لَا يُشَابِهُ مَقْطَعَ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَرِعَايَةُ التَّشَابُهِ في المقاطع لازم، لأنا وجدنا مقطاع الْقُرْآنِ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُتَقَارِبَةً وَمُتَشَاكِلَةً فَالْمُتَقَارِبَةُ كَمَا فِي سُورَةِ «ق» وَالْمُتَشَاكِلَةُ كَمَا فِي سُورَةِ الْقَمَرِ، وَقَوْلُهُ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لَيْسَ مِنَ الْقِسْمَيْنِ، فَامْتَنَعَ جَعْلُهُ مِنَ الْمَقَاطِعِ.
الثَّانِي: أَنَّا إِذَا جَعَلْنَا قَوْلَهُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءَ آيَةٍ فَقَدْ جَعَلْنَا أَوَّلَ الْآيَةِ لَفْظَ غَيْرِ، وَهَذَا اللَّفْظُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَا قَبْلَهُ أَوِ اسْتِثْنَاءً عَمَّا قَبْلَهُ، وَالصِّفَةُ مَعَ الْمَوْصُوفِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَإِيقَاعُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ، أَمَّا إِذَا جَعَلْنَا قَوْلَهُ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ آيَةً وَاحِدَةً، كُنَّا قَدْ جَعَلْنَا الْمَوْصُوفَ مَعَ الصِّفَةِ وَالْمُسْتَثْنَى مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَلَامًا وَاحِدًا وَآيَةً وَاحِدَةً، وَذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى الدَّلِيلِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي حُكْمِ الْمَحْذُوفِ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ اهْدِنَا صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لَكِنَّ طَلَبَ الِاهْتِدَاءِ بِصِرَاطِ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُنْعَمُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِ، وَلَا ضَالًّا، فَإِنَّا لو أسقطنا هذا الشرط لم يجز إلا الِاهْتِدَاءُ بِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً [إِبْرَاهِيمَ: 28] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا صَارُوا مِنْ زُمْرَةِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَمِنْ زُمْرَةِ الضَّالِّينَ لَا جَرَمَ لَمْ يَجُزِ الِاهْتِدَاءُ بِهِمْ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَصْلُ قَوْلِهِ: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ عَنْ قَوْلِهِ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ بَلْ هَذَا الْمَجْمُوعُ كَلَامٌ وَاحِدٌ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ آيَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ قَالُوا: أَلَيْسَ أَنَّ قَوْلَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ آيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلَهُ/ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةٌ ثَانِيَةٌ، وَمَعَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ بِنَفْسِهَا، بَلْ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا قَبْلَهَا؟ قُلْنَا: الْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَلَامٌ تَامٌّ بِدُونِ قَوْلِهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَلَا جَرَمَ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ آيَةً تَامَّةً، وَلَا كَذَلِكَ هَذَا، لَمَّا بَيَّنَّا أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لَيْسَ كَلَامًا تَامًّا، بَلْ مَا لَمْ يُضَمَّ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست