responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 570
بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ " ثُمَّ ذَكَرَ الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَإِنَّمَا أَمْرُ ابْنِ آدَمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّ اللَّهِ، كَأَمْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَ، فَقَالَ اللَّهُ: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الأعراف: 13] ثُمَّ خَلَصَ إِلَى آدَمَ وَزَوْجَتِهِ حَتَّى كَلَّمَهُمَا، كَمَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا، قَالَ: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120] فَخَلَصَ إِلَيْهِمَا بِمَا خَلَصَ إِلَى ذُرِّيَّتِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَيَانِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ؛ فَتَابَا إِلَى رَبِّهِمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَيْسَ فِي يَقِينِ ابْنِ إِسْحَاقَ لَوْ كَانَ قَدْ أَيْقَنَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَخْلُصْ إِلَى آدَمَ وَزَوْجَتِهِ بِالْمُخَاطَبَةِ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمَا وَخَاطَبَهُمَا بِهِ مَا يَجُوزُ لِذِي فَهْمٍ الِاعْتِرَاضُ بِهِ عَلَى مَا وَرَدَ مِنَ الْقَوْلِ مُسْتَفِيضًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعَ دَلَالَةِ الْكِتَابِ عَلَى صِحَّةِ مَا اسْتَفَاضَ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ بِشَكِّهِ؟ وَاللَّهَ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {فَأَخْرَجَهُمَا} [البقرة: 36] فَإِنَّهُ يَعْنِي: فَأَخْرَجَ الشَّيْطَانُ آدَمَ وَزَوْجَتَهُ مِمَّا كَانَا، يَعْنِي مِمَّا كَانَ فِيهِ آدَمُ وَزَوْجَتُهُ مِنْ رَغَدِ الْعَيْشِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعَةِ نَعِيمِهَا الَّذِي كَانَا فِيهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَضَافَ إِخْرَاجَهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى -[571]- الشَّيْطَانِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ هُوَ الْمُخْرِجُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُمَا مِنْهَا كَانَ عَنْ سَبَبٍ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَأُضِيفَ ذَلِكَ إِلَيْهِ لِتَسْبِيبِهِ إِيَّاهُ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِرَجُلٍ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْهُ أَذًى حَتَّى تَحَوَّلَ مِنْ أَجْلِهِ عَنْ مَوْضِعٍ كَانَ يَسْكُنُهُ: مَا حَوَّلَنِي مِنْ مَوْضِعِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ لَهُ تَحْوِيلٌ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَحَوُّلُهُ عَنْ سَبَبٍ مِنْهُ جَازَ لَهُ إِضَافَةُ تَحْوِيلِهِ إِلَيْهِ

اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 570
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست