responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 382
وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: " ثُمَّ قَالَ، يَعْنِي قَالَ اللَّهُ، فِي أَسْمَاعِهِمْ يَعْنِي أَسْمَاعَ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمُ الَّتِي عَاشُوا بِهَا فِي النَّاسِ: {§وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [البقرة: 20] " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [البقرة: 20] لَأَذْهَبَ سَمْعَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ، وَلَكِنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَدْخَلُوا الْبَاءَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ قَالُوا: ذَهَبْتُ بِبَصَرِهِ، وَإِذَا حَذَفُوا الْبَاءَ قَالُوا: أَذْهَبْتُ بَصَرَهُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62] وَلَوْ أُدْخِلَتِ الْبَاءُ فِي الْغَدَاءِ لَقِيلَ: ائْتِنَا بِغَدَائِنَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ: {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} [البقرة: 20] فَوَحَّدَ، وَقَالَ: {وَأَبْصَارِهِمْ} [البقرة: 20] فَجَمَعَ؟ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْخَبَرَ فِي السَّمْعِ خَبَرٌ عَنْ سَمْعِ جَمَاعَةٍ، كَمَا الْخَبَرُ فِي الْأَبْصَارِ خَبَرٌ عَنْ أَبْصَارِ جَمَاعَةٍ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: وَحَّدَ السَّمْعَ لِأَنَّهُ عَنَى بِهِ الْمَصْدَرَ وَقَصَدَ بِهِ الْخَرْقَ، وَجَمَعَ الْأَبْصَارَ لِأَنَّهُ عَنَى بِهِ الْأَعْيُنَ. -[383]- وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَزْعُمُ أَنَّ السَّمْعَ وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى جَمَاعَةٍ، وَيَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ: {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] يُرِيدُ لَا تَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ أَطْرَافُهُمْ، وَبِقَوْلِهِ: {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] يُرَادُ بِهِ أَدْبَارَهُمْ. وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ عِنْدِي لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ الْجَمْعُ، فَكَانَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ، وَأَدَاءُ مَعْنَى الْوَاحِدِ مِنَ السَّمْعِ عَنْ مَعْنَى جَمَاعَةٍ مُغْنِيًا عَنْ جَمَاعَةٍ، وَلَوْ فَعَلَ بِالْبَصَرِ نَظِيرَ الَّذِي فَعَلَ بِالسَّمْعِ، أَوْ فَعَلَ بِالسَّمْعِ نَظِيرَ الَّذِي فَعَلَ بِالْأَبْصَارِ مِنَ الْجَمْعِ وَالتَّوْحِيدِ، كَانَ فَصِيحًا صَحِيحًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ؛ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا ... فَإِنَّ زَمَانَنَا زَمَنٌ خَمِيصُ
فَوَحَّدَ الْبَطْنَ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْبُطُونُ لِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْعِلَّةِ

اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست