responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 224
} [البقرة: 2] . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَرْفٌ وَاحِدٌ شَامِلًا الدَّلَالَةَ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ؟ قِيلَ: كَمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَقَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ: أُمَّةٌ، وَلِلْحِينِ مِنَ الزَّمَانِ: أُمَّةٌ، وَلِلرَّجُلِ الْمُتَعَبِّدِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ: أُمَّةٌ، وَلِلدِّينِ وَالْمِلَّةِ: أُمَّةٌ. وَكَقَوْلِهِمْ لِلْجَزَاءِ وَالْقِصَاصِ: دِينٌ، وَلِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَةِ: دِينٌ، وَلِلتَّذَلُّلِ: دِينٌ، وَلِلْحِسَابِ: دِينٌ؛ فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ كَثِيرَةٍ يَطُولُ الْكِتَابُ بِإِحْصَائِهَا مِمَّا يَكُونُ مِنَ الْكَلَامِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {الم} [البقرة: 1] وَ {المر} [الرعد: 1] وَ {المص} [الأعراف: 1] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الَّتِي هِيَ فَوَاتِحُ أَوَائِلِ السُّوَرِ، كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا دَالٌّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى، شَامِلٌ جَمِيعَهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ؛ وَهُنَّ مَعَ ذَلِكَ فَوَاتِحُ السُّوَرِ كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَلَيْسَ كَوْنُ ذَلِكَ مِنْ حُرُوفِ أَسْمَاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصِفَاتِهِ بِمَانِعِهَا أَنْ تَكُونَ لِلسُّوَرِ فَوَاتِحَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدِ افْتَتَحَ كَثِيرًا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهَا، وَكَثِيرًا مِنْهَا بِتَمْجِيدِهَا وَتَعْظِيمِهَا، فَغَيْرُ مُسْتَحِيلٍ أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْضَ ذَلِكَ بِالْقَسَمِ بِهَا. فَالَّتِي ابْتُدِئَ أَوَائِلُهَا بِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ أَحَدُ مَعَانِي أَوَائِلِهَا أَنَّهُنَّ فَوَاتِحُ مَا افْتَتَحَ بِهِنَّ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَهُنَّ مِمَّا أَقْسَمَ بِهِنَّ؛ لِأَنَّ أَحَدَ مَعَانِيهِنَّ أَنَّهُنَّ مِنْ حُرُوفِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَصِفَاتِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا الْبَيَانَ عَنْهَا، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ مَعْنَى الْقَسَمِ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَهُنَّ مِنْ حُرُوفِ حِسَابِ الْجُمَلِ، وَهُنَّ لِلسُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهِنَّ شِعَارٌ وَأَسْمَاءٌ. فَذَلِكَ يَحْوِي مَعَانِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِمَّا بَيَّنَّا مِنْ وُجُوهِهِ، لِأَنَّ

اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست