responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 219
قَالُوا: وَإِذَا كَانَ لَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ لَوْ أَظْهَرَ جَمِيعَهَا إِلَّا عَلَى مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ مَعْنَى وَاحِدٌ، وَكَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَرَادَ الدَّلَالَةَ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُفْرِدَ الْحَرْفَ الدَّالَّ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي، لِيَعْلَمَ الْمُخَاطَبُونَ بِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَ مَعْنَى وَاحِدٍ وَدِلَالَةٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الدَّلَالَةَ بِهِ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ. قَالُوا: فَالْأَلِفُ مِنْ {الم} [البقرة: 1] مُقْتَضِيَةٌ مَعَانِي كَثِيرَةٍ، مِنْهَا: إِتْمَامُ اسْمِ الرَّبِّ الَّذِي هُوَ اللَّهُ، وَتَمَامُ اسْمِ نَعْمَاءِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ آلَاءُ اللَّهِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَجَلِ قَوْمٍ أَنَّهُ سَنَةٌ، إِذَا كَانَتِ الْأَلْفُ فِي حِسَابِ الْجُمَلِ وَاحِدًا. وَاللَّامُ مُقْتَضِيَةٌ تَمَامَ اسْمِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ لَطِيفٌ، وَتَمَامُ اسْمِ فَضْلِهِ الَّذِي هُوَ لُطْفٌ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَجَلِ قَوْمٍ أَنَّهُ ثَلَاثُونَ سَنَةً. وَالْمِيمُ مُقْتَضِيَةٌ تَمَامَ اسْمِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ مَجِيدٌ، وَتَمَامُ اسْمِ عَظَمَتِهِ الَّتِي هِيَ مَجْدٌ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَجَلِ قَوْمٍ أَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً. فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ فِي تَأْوِيلِ قَائِلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ افْتَتَحَ كَلَامَهُ بِوَصْفِ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ الْعَالِمُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَجَعَلَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ مَنْهَجًا يَسْلُكُونَهَ فِي مُفْتَتَحِ خُطَبِهِمْ وَرَسَائِلِهِمْ وَمُهِمِّ أُمُورِهِمْ، وَابْتِلَاءً مِنْهُ لَهُمْ لِيَسْتَوْجِبُوا بِهِ عَظِيمَ الثَّوَابِ فِي دَارِ الْجَزَاءِ، كَمَا افْتَتَحَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السُّوَرِ الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِحَهَا الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ. وَكَمَا جَعَلَ مَفَاتِحَ بَعْضِهَا تَعْظِيمَ نَفْسِهِ وَإِجْلَالَهَا بِالتَّسْبِيحِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ سُوَرِ الْقُرْآنِ الَّتِي جَعَلَ مَفَاتِحَ بَعْضِهَا

اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست