اسم الکتاب : درج الدرر في تفسير الآي والسور - ط الفكر المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 494
47 - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ:} نزلت في شأن اليهود [1]، ويحتمل العموم في أهل الكتاب، بادروا وقت هذا الوعيد الكائن [2] لا محالة. والوعيد أحد شيئين: إمّا طمس الوجوه وردّها على أدبارها وإمّا اللّعن.
واختلف في الطّمس والرّدّ على الأدبار، قيل [3]: محو آثار الوجوه من أصلها وصرف الأعين إلى الأقفية والمشي قهقرى، عن ابن عبّاس وابن جريج [4]. وقيل: الطّمس [5] كختم القلوب وإغشاء الأسماع والأبصار، وهو الخذلان والذّهاب بالبركة والتّوفيق، والرّدّ على الأدبار هو [6] الحشر والإجلاء إلى الشّام [7]. وقيل: الطّمس إنبات الشّعر على الوجوه كإنباته على الأقفية، وإليه ذهب الزّجّاج [8].
وهذا الوعيد كائن لا محالة إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة [9].
ولعن أصحاب السّبت مسخهم [10].
{وَكانَ أَمْرُ اللهِ:} أي: مأمور الله، كقوله: {هذا خَلْقُ اللهِ} [لقمان:[11]]، وفائدته على هذا الإخبار عن نفاذ القدرة في جميع المرادات، وقيل: الأمر المفعول: الموعود [11]، وفائدته أنّ الله لا يخلف الميعاد [12].
48 - {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ:} نزلت في وحشيّ قاتل حمزة [13]، وهي على العموم. وتضمّنت مغفرة من غير توبة؛ لأنّه نفى مغفرة الإشراك، وتضمّنت مغفرة الكبائر [14].
والإشراك بالله من وجهين: إثبات شيء لا ابتداء له مع الله تعالى، والثاني: إثبات مدبّر متفرّد بفعله دون الله، فالأوّل إشراك الدّهريّة والثنوية، والثاني إشراك عبدة الجنّ والإنس والملائكة والنّجوم والأصنام. [1] ينظر: تفسير الطبري 5/ 170 و 173، والبغوي 1/ 438، والقرطبي 5/ 244. [2] في ب: الكان. [3] في ك: قال. [4] ينظر: تفسير الطبري 5/ 170 - 171، والتبيان في تفسير القرآن 3/ 215، والبحر المحيط 3/ 278. [5] في ك: الطمث، وهو تحريف، وكذا ترد قريبا. [6] في ك: وهو، والواو مقحمة، وبعدها في ب: والإلجاء، بدل (والإجلاء). [7] ينظر: تفسير الطبري 5/ 171 - 172، والبغوي 1/ 439، ومجمع البيان 3/ 99. [8] ينظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 59، وهو قول الفراء قبله في معاني القرآن 1/ 272. [9] ينظر: تفسير البغوي 1/ 439، ومجمع البيان 3/ 99 - 100. [10] ينظر: معاني القرآن للفراء 1/ 272، وتفسير الطبري 5/ 174، ومعاني القرآن الكريم 2/ 106 - 107. [11] في ك: المفعول، وفي ب: للوعود. [12] ينظر: زاد المسير 2/ 136، وتفسير القرطبي 5/ 245، والبحر المحيط 3/ 279. [13] ينظر: تفسير القرآن الكريم 2/ 337 - 339، وتفسير البغوي 1/ 439، ومجمع البيان 3/ 100 - 101. [14] ينظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 59 - 60، وتفسير القرآن الكريم 2/ 339، وتفسير البغوي 1/ 439.
اسم الکتاب : درج الدرر في تفسير الآي والسور - ط الفكر المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 494