(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) يشمل الناس جميعا مؤمنهم ومشركهم، وكافرهم سواء أكان وثنيا أم كان كتابيا، وإن الله تعالى بين حال الذين اتخذوا من دون الله تعالى أندادا. وأنه يوسوس لهم في طعامهم وطيباتهم وما أحل الله تعالى لهم، ولذا جاء الأمر بالأكل من الحلال والنهي عن تتبع خطوات الشيطان، بعد التنديد باتخاذ الأنداد، وبيان الذين يتخذونها يوم القيامة.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا) الأمر هنا للإباحة من حيث الجزء، ولكنه للطلب المفروض من حيث الكل، فيباح الأكل بالجزء في الأوقات التي يتخيرها، وفي الطيبات التي يستحسنها، ولكن لَا يباح أن يترك الأكل جملة، لأنه يؤدي إلى الهلاك وهذا منهي عنه.
وقوله تعالى: (مِمَّا فِي الأَرْضِ) أي مما تخرحه الأرض من نبات وزرع وثمار وما يمشي من حيوان طيب يحل أكله وما يكون في جوها من طير يطيب أكله.
وقد ذكر سبحانه وتعالى ما يباح أكله أو يطلب بوصفين: أحدهما أن يكون حلالا لم يحظر أكله كالخنزير والميتة وسباع البهائم وسباع الطير والمنخنقة والموقوذة والمتردية في بئر حتى ماتت، والنطيحة، وما أكل السبع من غير تذكية، وما كان في أصله حلالا، ولكن اقترن به ما جعله محظورا كالذبح على النصب والاستقسام بالأزلام أو سمي عليه بغير اسم الله، أو لم يذك تذكية شرعية فإن ذلك كله ليس بحلال.
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 498