responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 499
والطيب هو الذي تستطيبه النفوس، وينميها ويغذيها غذاء صالحا، ولا يكون طيبًا إلا إذا كان كسبه من حلال ولا يكون من حرام، ولا يكون حلالا إذا كان من الرشوة أو من السحت أو الربا أو من غلول، وفي الجملة أن يكون كسبه خبيثا، ولو كان في أصله طيبا. روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا) فقال عليه الصلاة والسلام: " والذي نفسي بيده، إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما، وأيما عبد نبت لحمه من السحت أو الربا، فالنار أولى به " [1].
وبعد الأمر بالحلال نهى عن كل حرام بألا يطيع الشيطان، فقال تعالى: (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) وهذا يصل الكلام بالآية السابقة التي بينت أن من الناس من اتخذ أندادا بوسوسته وإغرائه.
الخطوات جمع خُطوة بضم الخاء وهي الأفصح، ويجوز فيها خَطوة بفتحها والخطوة ما بين القدمين عند انتقالهما، والخطوات ما بينهما متتابعا، وهذا كناية عن السير في طريق، وتتبع السير فيه، باتباع حركاته، وسيرها، وكأنما شبهت حال أتباعه بحال من يتبع سيره خطوة بعد خطوة، فلو سار به في ضلال سار معه، وانهوى به في هاوية من الفساد، وإن السير وراءه هو سير وراء عدو واضح العداوة، ولذا قال تعالى معللا النهي بقوله تعالى: (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مبِينٌ)، بمعنى بيِّن العداوة لا يخفيها ولا يطويها، فمبين بمعنى إن عداوته جلية واضحة؛ لأنه يبينها ولا يخفيها من يوم أن عارض آدم كما قال تعالى: (اهْبطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ. . .)، وكما قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبه ليَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)، وكما قال تعالى: (إِنَّهُ عَدُوٌّ مضِلٌّ مبِينٌ)، وكما قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُم الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ. . .).

[1] رواه بهذا اللفظ الطبراني في الصغير عن ابن عباس رضي الله عنهما. [راجع مجمع الزوائد (10181)، والترغيب والترهيب (2664) وتخريج أحاديث الإحياء للعراقي ج 2 ص 90 (الحلبي)].
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 499
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست