اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 441
المقدس كان الاتجاه أيضا إلى الكعبة بعدم استدبارها كما نقلنا فيما سلف من قول.
ونقول في الجواب عن ذلك إن هناك بيانا لحكمة ذلك ذكره القرآن الكريم، وحكما أعظم وأعلى، وهناك سبب قد نتلمسه والسبب الذي نتلمسه هو أولاً: بيان وحدة الأديان السماوية، وثانيًا: الإشارة إلى أن بيت المقدس مسجده مقدس كالكعبة، وإن كان دونها تقديسا، وثالثًا: إن الكعبة كانت الأصنام تحوطها في ذلك الوقت. وأن التحويل إلى الكعبة كان إيذانا بتحطيم الأوثان وزوال دولتها؛ إذ كان التحويل في النصف من شعبان، وكان يوم الفرقان بغزوة بدر حول منتصف رمضان كما هو ثابت في سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي سيرة الإسلام.
هذا ما نتلمسه وقد يكون غير ذلك.
أما ما ذكره الله سبحانه وتعالى، وهو المحكم الذي لَا يأتيه الباطل أبدا، فقد ذكره سبحانه في قوله تعالت كلماته: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) أي ما جعلنا القبلة التي كنت عليها متبعًا في صلاتك لها إلا لنعلم من يستمر على تبعيته للرسول - صلى الله عليه وسلم - ممن ينقلب على عقبيه.
وما القبلة التي كان عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أهي بيت المقدس؛ فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجه إليه قبل هذا التحويل، وذلك ظاهر، لَا يحتاج إلى تأويل. . أم هي الكعبة؟، وهي التي كان عليها بمكة، وإن اشترك معها الاتجاه إلى بيت المقدس بأمر ربه كما ذكرنا من قبل، وكان يتجه إليهما، ولم يتغير ذلك الاتجاه إلا بعد أن هاجر، وللمفسرين في ذلك اتجاهان:
أولهما - أن القبلة التي كانوا عليها هي بيت المقدس، وقد كان الاختبار للمهاجرين، وللذين دخلوا في الإسلام، وفي قلوبهم مرض أو ضعف في الإيمان.
أما المهاجرون فقد ألفوا البيت الحرام، والاتجاه إليه، وقد كان مطافهم وشرفهم في الجاهلية، وقبلتهم في الإسلام، وإن كان الله تعالى قد أمر بالاتجاه إلى بيت المقدس، فقد كانوا يتجهون للاثنين على ما أشرنا وروينا، فكانت القبلة على ما
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 441