اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 411
(وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِة نَفْسَهُ) ومَن هنا استفهام إنكاري يتضمن معنى نفي الوقوع، ويتضمن التوبيخ على من وقع منه هذا، والمعنى لَا يرغب عن ملة إبراهيم ويتركها متجاوزا لها إلى غيرها من الأوهام الباطلة إلا من سفه نفسه.
وقوله تعالى: (يَرْغَبُ عَن) فيها التجاوز والترك إلى أوهام، ونقيض يرغب عنها: يرغب فيها، فالرغبة فيها إقبال عليها، والرغبة عنها تجاوز عنها، وترك لها، وهذا يتضمن أمرين: أولهما - أنه علمها، وكان ينبغي أن يرغب فيها ولكنه تجاوزها وتركها لَا عن انصراف مجرد، بل عن قصد وإعراض، وثانيهما - أنه اتجه ورغب في غيرها، ونفَى الله تعالى الرغبة عنها إلا ممن سفه.
ملة إبراهيم هي ملة الأنبياء وهو أبوهم
(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)
* * *
إن إبراهيم أبو الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم وجاءوا بعده، وقد يكون هناك أنبياء آخرون بل لابد أن يكون ذلك؛ لأن الله تعالى يقول: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذيرٌ)، ويقول: (مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ. . .).
ولقد دعا الله تعالى إلى ملة إبراهيم الناس جميعا من بعده، لأنها إجابة للفطرة، وتنبعث من النفس المستقيمة واتجاه العقل الحكيم، ولقد قال تعالى:
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 411