اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 347
(يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقولُوا انظُرْ نَا وَاسْمَعوا).
نهاهم الله تعالى عن قول راعنا لأن اليهود فسروها بما يدل على السب كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه ولووا بها ألسنتهم بما يدل على أن معناها رعونة من القائل والمخاطب الكريم، ولقد صرح سبحانه وتعالى في موضع آخر بلى ألسنتهم فقال تعالت كلماته: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46).
كانوا يقولون: (رَاعِنَا) يقصدون الرعونة، بمعنى عدم الاستقرار الفعلي والفكري فأمر الله المؤمنين أن يتوقوا هذه الكلمة وأن يقولوا انظرنا بمعنى اشملنا بنظرتك وإرشادك وتوجيهك، وأمرهم مع ذلك بأن يسمعوا للرسول إرشاده وتوجيهه.
وإن ذلك يفيد أمرين:
أحدهما - إرشاد المؤمنين بأن يتخيروا العبارات التي لَا تثير حولها المرتابين إلى ما يتعدى مقاصدهم، وما يحرفونها عن مقصودها، وأن يتخيروا جميل الألفاظ التي لَا يؤذي جرسها الأسماع.
الأمر الثاني - أنه يجب الأخذ بسد ذرائع فساد الفهم، وما يؤدي إلى الغمز في القول، وإخراج الكلام عن معناه، وتعدى مقصده.
بل إن بعض المشتغلين بالفقه قال: " إنها دليل على الأخذ بمبدأ سد الذرائع الذي يقوم على أن الذرائع أو الوسائل تأخذ حكم ما تؤدي إليه، فما يؤدي إلى المطلوب يكون مطلوبا، وما يؤدي إلى المنوع يكون ممنوعا وإن لذلك وجها من
كانوا يخاطبون بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ويضحكون فيما بينهم فسمعها سعد بن معاذ وكان يعرف لغتهم فقال لليهود: عليكم لعنة الله لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأضربن عنقه، فقالوا أولستم تقولونها فنزل قوله:
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 347