responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 346
لم يقل سبحانه آمنوا بمحمد. والضمير يعود إلى اليهود، بل قال سبحانه (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) وذلك لأنهم لَا إيمان عندهم بشيء، بل هم في اضطراب لَا قرار في قلوبهم بشيء، والإيمان إذعان للحقائق، وجعلها مستقرة في القلوب مصدقة للحق فالمعنى: لو ثبت أنهم آمنوا وأذعنوا وصدقوا بالحق واتقوا غضب الله تعالى وطلبوا رضاه، واتجهوا إلى السير في الطريق السوي لكان ذلك خيرا بدل الاعوجاج الذي اختاروه لأنفسهم، فساروا في طريق عوج، لو فعلوا ذلك لكان لهم ثواب، ولذا قال تعالى في جواب الشرط المقدر من " لو " (لَمَثُوبَةٌ منْ عِندِ اللَّهِ خَيْر)، أي لو ثبت أنهم آمنوا وأذعنوا وسكن ذلك قلوبهم، واتقوا أي اتقوا غضب الله بعمل صالح ينفعهم وينفع الناس، ويكونون به مصدر خير لخلطائهم من الناس - لكان لهم الثواب الدائم، فالمثوبة هي الثواب الدائم المستمر، وذكر سبحانه وتعالى أن ذلك خير لهم مماهم فيه من اضطراب مستمر وفساد قلب، وقوله تعالى: (خَيْرٌ) إما عطف بيان، دماما خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو خير.
وقد أكد الله تعالى المثوبة باللام المؤكدة الواقعة في جواب فعل لو المحذوف، وبين سبحانه وتعالى بعد علمهم بهذه الأمور التي يكون علمها والأخذ بها خيرا لهم، ولذا قال سبحانه: (لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) وعلماء النحو يقولون في " لو " أنها حرف امتناع لامتناع أي يمنع جوابها لَا متناع شرطها، والمعنى أنه يمتنع علمهم بذلك فيمتنع إيمانهم، فهم في ضلال مبين.
وإن اليهود دائما عشراء سوء، فكانوا يغمزون في القول دائما بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان المؤمنون يتوجهون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - طالبين إرشاده وتوجيهه ودعاءه فكانوا يقولون (رَاعِنَا ... (104)
وأصل راعنا مفاعلة من رعى يرعى، ومعنى المفاعلة راعنا بالقول الموجه المرشد نرعك بالاستماع والإنصات، فإنك هادينا ومرشدنا وقد تفيد معنى اتجه إلينا، ولقد روي عن ابن عباس في تفسير كلمة (رَاعِنَا) أنه قال: " كان المسلمون يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم - راعنا على جهة الطلب والرغبة من المراعاة أي التفت إلينا، وكان هذا بلسان اليهود سبًّا أي اسمع لَا سمعت فانتهزها اليهود وقالوا: كنا نسبه سرًّا فالآن نسبه جهرًا.

اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست