responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 299
نفَى الله تعالى بهذا النص السامي نفيا مؤكدا أن الله غافل عما يفعلون، فإذا كانوا هم ينسون ما يفعلون من آثام لاستمرائهم لها، واستمرارهم عليها، فالله تعالى لا ينساها، وقد أكد سبحانه نفي ذلك بالباء في قوله تعالى: (بِغَافِلٍ) وبنفي وصف الغفلة عن ذاته العلية، بأن الغفلة ليست من شئونه، وقوله تعالى: (عَمَّا تَعْمَلُونَ) إشارة إلى إحصائه سبحانه وتعالى أعمالهم حال عملها وحال تلبسهم بآثامها.
* * *
تنبيه: هذه الآيات نزلت في بني إسرائيل، والخطاب لهم ابتداء، ولكنه شامل عام في عبرته بالنسبة للأمم جميعها، وخصوصا الأمم التي تقوم على مبادئ رسالة إلهية من السماء، فإنها يجب أن تكون بناء واحدا قائما لَا تتداعي لبناته فيهوى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أمته: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى " [1]. وأوجب الإسلام على المسلم أن يعين أخاه المسلم في شدته وكربته، فقال: " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته " [2]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " المسلم أخو المسلم لَا يخذله ولا يُسلمه " [3] ومع ذلك فعلنا الكثير نحن المسلمين في عصرنا، وهو امتداد لعصور قبلنا من الحصر العباسي الثاني إلى اليوم، سفكنا دماءنا بأيدينا لهوى الملوك، وفساد الحكام، فكانت الحرب بين المسلمين شديدة لُحيَّة، وصار كل فريق يرى في الآخر عدوه الذي ينتهز الفرص للقضاء عليه، وصار بعضهم يغري أعداء الإسلام من الوثنيين وغيرهم بالمسلمين، حتى وقعوا بالمسلمين وحاربوهم حرب إفناء.

[1] متفق عليه؛ رواه البخاري: كتاب الأدب (5552) ومسلم: كتاب البر والصلة (4685) واللفظ له، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.
[2] عن عَبْدٍ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا انَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " المُسْلمُ اخُو الْمُسْلِم، لَا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أخِيه كَانَ اللَّهُ في حَاجَته، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلم كُربة فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَة مِنْ كرُبَات يَوْمِ الْقيَامَة وَمَن سَتَرَ مُسْلَمَا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقَيَامَة ". [متفق عليه؛ أخرجه البخاري: كتاب المظالم والغصب (2262)، ومسلم: كتاب البر والصلة (4677)].
[3] انظر السابق. وروى أحمد عَن ابْنِ عُمَرَ اأنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَقُولُ: " الْمُسْلِمُ اخُو الْمُسْلِم لَا يَطلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ،، وَيَقُولُ: " وَالَّذي نَفْس مُحَمَّد بيَده مَا تَوَاد اثْنَانِ فَفُرق بَيْنَهُمَا إِلا بِذَنْب يُحْدِثُهُ أحَدُهُمَا، وَكَانَ يَقُولُ: " لِلْمَرْ الْمُسْلمَ عَلَى أخيه مِنْ المًعرُوفِ سِت: يُشَمتهُ إِذَا عَطَسَ، وَيَعُودُه إِذَا مَرِضَ، وَيَنْصَحهُ إِذَا غَابَ، وَيَشْهَدهُ وَيُسَلمُ عَلَيْه إِذَا لَقَيَهُ، وَيُجيبهُ إِذَا دَعَاهُ، وَيَتْبَعُهُ إِذَا مَاتَ، وَنَهَى عَنْ هِجْرَةِ الْمُسْلم أخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ " [مسند المكثرين (5103)].
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست