responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 295
منهم، وعبر الله تعالى عن ذلك بقوله: (لا تَسْفكُونَ دمَاءَكُمْ) بصيغة الخبر الدالة على النهي وعبر عن التقاتل بينهم بقوله: (لا تَسْفِكُوَنَ دِمَاءَكُمْ) فنسب السفك المنهي عنه إليهم والدماء إليهم للإشارة إلى الفعل ليعود على جميعهم بسفك الدماء، وإهدار الأنفس، لأنه إذا كان القاتل والمقتول من أسرة واحدة، فقد قتلت نفسها، وسفكت دمها، وأهدرت أهلها.
ومنع سبحانه وتعالى أن يخرج بعضهم من دياره، وعبر عن ذلك المنع بقوله تعالى: (وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِن دِيَارِكُمْ) فالخبر هنا في معنى النهي عن ذلك، والتعبير عن إخراج البعض بأنه إخراج لأنفسهم بيان الاجتماع على أن يكونوا أمة واحدة متآزرة بحيث تكون إصابة عضو منها إصابة لجميعها، فإخراج بعضهم لبعض إخراج لكلهم إذ يفرق جمعهم، ولأنه يطمع فيهم أعداؤهم، فيخرجهم جميعا، فإخراج بعضهم يسهل إخراج كلهم.
وإن هذا الميثاق قد أخذه الله تعالى عليهم وأقروا به وشهدوه، ولذا قال تعالى موثقا ذلك الميثاق بقوله تعالى: (ثُمَ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ) أي أنتم الحاضرون أقررتم ما أخذ على أسلافكم من هذا الميثاق، وأنتم تشهدون مؤمنين بصدقه.
وكان الخطاب في الإقرار والشهادة للذين عاصروا النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهم الذين نقضوا العهد ظاهرًا، وهم الذين سفكوا دماءهم، وهم الذين أخرجوا فريقا منهم، وإن كان الاحتمال بأن ذلك حصل من بعضهم في الماضي ليس ببعيد فقد تشابه في مخالفة الميثاق الخلف مع السلف، وهم جميعا في إثم مبين، وعدوان ظاهر.
وإذا كان ذلك الميثاق حفظا لوحدتهم ولجمعهم فقد نقضوه، وقتل بعضهم بعضا، وأخرج فريق منهم الآخر من داره، ولقد قال تعالى في ذلك:

(ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ) العطف هنا بـ ثم للبعد المعنوي بين الميثاق الذي أخذ عليهم وأقروه بألسنتهم وشهدوا عليه بقلوبهم، وبين الحال التي وجدوا فيها من أنهم قتلوا أنفسهم بأن تقاتلوا فيما بينهم سواء أكان قتالهم لأنفسهم

اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 295
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست