responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 296
بأنفسهم، أم كانوا قد انضم فريق إلى قوم عدو لقوم آخر وتقاتل الإسرائيليون مع أنفسهم في ظل آخرين، وكان كل فريق من اليهود يعاون من يظاهره من أهل الشرك على قومه بالإثم والعدوان، وفي ذلك سفك لدمائهم.
وإن ذلك التعاون مع آخرين متعادين اقتضى أن يخرج فريق منهم من ديارهم، وذلك لأجل القتال الذي انضم فيه كل فريق من اليهود إلى فريق المشركين المتقاتلين؛ ولذا قال تعالت كلماته: (وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
روي عن ابن عباس أنه قال في تنكسير قوله تعالى: (ثُمَّ أنتمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسكُمْ) الآية: أنبأهم الله تعالى بذلك من قبل وقد حرم عليهم سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم، فكانوا فريقين طائفة منهم بنو قينقاع وهم حلفاء الخزرج والنضير وقريظة وهم مع الأوس فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج، وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يظاهر كل واحد من الفريقين حليفه على إخوانه حتى تسافكوا دماءهم بينهم، وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما لهم وما عليهم، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نارا ولا حلالا ولا حراما، ولا بعثا ولا قياما ولا كتابًا.
وخلاصة هذه الرواية عن ابن عباس الذي سماه التابعون ترجمان القرآن: أن سفك اليهود لدمائهم كان في العصر القريب للهجرة عندما كانت الحرب مشبوبة بين الأوس والخزرج، وكانوا على شفا حفرة من النار، كما أخبر القرآن العزيز، وأن اليهود لم يقفوا محايدين كما هو واجب الجوار بل تدخلوا ليوسعوا شقة الخلاف ويؤرثوا نيران الحرب لتستمر مستعرة فكان مع الخزرج بنو قينقاع، وكانوا حلفاء لهم، ومع الأوس النضير وقريظة، فتقاتل الفريقان كل في صفِّه، وأخرج كل فريق الآخر من داره، فكان هذا نقضا للعهد الذي أقروه وصدقوه وشهدوه.
وعلى ذلك يكون الخطاب في قوله: (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ (85) لليهود الذين عاصروا النبي - صلى الله عليه وسلم - والإشارة إليهم، وكانت الإشارة مع الخطاب لبيَان الصفات القائمة فيهم، فالمعنى أنتم ترون أنكم تقتلون أنفسكم، وتخرجون فريقا منكم من ديارهم.

اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 296
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست