responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 283
إذا كان من أهل الكتاب أميون لَا يعلمون من علم الكتاب إلا الأماني التي يشبعون بها أهواءهم، ويدخلون بها الكذب والتمويه على نفوسهم، فإن أولئك الأحبار أو العلماء يمالئون نفوسهم من الأكاذيب، ويكتبون بأيديهم ما ليس من الكتاب، ويوهمونهم أنه من الكتاب، وما هو من الكتاب، وفي ذلك رد على الذين يزعمون أن القرآن يقر كل ما جاء في كتبهم، فهل هو يقر ما يكتبونه بأيديهم، ويقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا؛ كذبوا وبهتوا، وأعظموا الفرية على كتاب الله تعالى.
ولقد أخبر سبحانه أن أولئك الذين يجلسون مجلس العلماء فيهم ينتهزون أن فيهم أميين لَا يعلمون الكتاب إلا أماني وأن علمهم ظن والظن لَا يغني من الحق شيئا، فيكتبون الكتاب بأيديهم حاذفين ما شاءوا ويزيدون عليه ما شاءوا، فقال تعالى:

(فَوَيْلٌ للَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ).
الفاء في قوله تعالى: (فَوَيْلٌ للَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأيْدِيهِمْ) وقعت في جواب شرط مقدر، تقديره: إذا كان الأمر كذلك فويل، والويل الدعوة بالهلاك وترفع عندما لَا تضاف كقوله تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِبنَ)، وتنصب إذا أضيفت فتقول: ويلك وويل نفسي على أنها بمعنى المصدر، وتستعمل " وي " منها في معنى التعجب كقوله تعالى: (وَيْكَأنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).
والمعنى أن الهلاك نازل لَا محالة بأولئك الظالمين للحق في ذانه ولأنفسهم الذين يكتمون ما أنزل الله تبعا لأهوائهم، ويكتبون الكتاب بمحض أهوائهم، ولإثبات مايريدون إثبانه ومحو ما يريدون محوه وكتمان ما يريدون كتمانه لما قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكتَاب قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّن لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفو عَن كثِيرٍ. . .)، فهم بكتابة ما يكتبون قد أخفوا كثيرا، وقد بيَّنه القرآن الكريم أو بين ما وجب بيانه. وقوله تعالى: (يَكْتبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ) فيه تأكيد لبيان أنهم هم مصدر الإعلام به، وأنه لَا مصدر له من الله تعالى، يضلون به الأميين منهم، ويعلنونه

اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست