اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 282
يعلمونه أماني يتمنونها وأهواء يبتغونها، ولا يدركون التكليفات والأحكام، ولا يعلمون المواثيق التي أخذت عليهم.
ولا مانع أن يكون الاستثناء متصلا، ويكون المعنى أنهم لَا يعلمون من علم الكتاب إلا ما يرضي أمانيهم، ويشبع أهواءهم. ويرشح لذلك قوله تعالى من بعد: (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) أي إن علمهم ظن، وليس بيقين له مقدمات يقينية ينتج علما يقينيا، وإنما تنتج ظنا، وإن الظن لَا يغني من الحق شيئا، فعلمهم أوهام في أوهام، وهل تنتج الأهواء التي تنبعث من الأماني يقينا أو علما صادقا؟.
لقد قال بعض العلماء: إن الأماني من التمني، وهو لَا يكون إلا كاذبا، ولقد قال تعالى: (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) أي ليس علمهم إلا ما يظنونه علما، وما هم بمتيقنين، وقد أكد الله تعالى قصر علمهم على الظن الذي يتجدد لهم آنَا بعد آن، فنفَى عنهم العلم وقصره على الظن، أي ما عندهم من علم إلا الظن الذي تدفع إليه أوهامهم، وعبر بالمضارع للإشارة إلى أن ظنهم يتجدد ويستمرون في أكاذيب يبتدعونها، وظنونًا يختلقونها أو يختلقها لهم أحبارهم.
* * *
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)
* * *
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 282