(ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) المشرق موضع الشروق والمغرب موضع الغروب، وهما اسما مكان وقيل إسما مصدر أي الإشراق والإغراب، أي هما ملك لله وما بينهما من الجهات والمخلوقات فيشمل الأرض كلها أي جهة تستقبلونها فهناك وجه الله أي المكان الذي يرتضي لكم استقباله، وذلك يكون عند التباس جهة القبلة التي أمرنا بالتوجه إليها بقوله سبحانه (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) قال في الكشاف: والمعنى أنكم إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس فقد جعلت لكم الأرض مسجداً فصلوا في أي بقعة شئتم من بقاعها وافعلوا التولية فيها فإن التولية ممكنة في كل مكان لا يختص أماكنها في مسجد دون مسجد، ولا في مكان دون مكان، انتهى.
وهذا التخصيص لا وجه له فإن اللفظ أوسع منه وإن كان المقصود به بيان السبب فلا بأس " وأين " هنا اسم شرط وهي ظرف مكان وتكون اسم استفهام أيضاً فهي مشترك بينهما و " ثم " اسم إشارة للمكان البعيد خاصة مثل هنا، وقال أبو البقاء: نائب عن هناك، وليس بشيء (إن الله واسع عليم) فيه إرشاد إلى سعة رحمته وأنه يوسع على عباده في دينهم ولا يكلفهم ما ليس في وسعهم، وقيل واسع بمعنى أنه يسع علمه كل شيء كما قال وسع كل شيء علماً، وقال الفراء: الواسع الجواد الذي يسع عطاؤه كل شيء.
عن ابن عباس قال: أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا والله أعلم شأن القبلة قال الله تعالى (ولله المشرق والمغرب) الآية فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق، ثم
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 260