اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 259
ليس للمشركين أن يدخلوا المسجد إلا خائفين، عن قتادة قال: يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، وقال (مساجد الله) وإنما وقع المنع والتخريب على مسجد واحد وهو بيت المقدس أو المسجد الحرام لأن الحكم عام، وإن كان السبب خاصاً.
ورجح الطبري القول الأول، وقال: إن النصارى هم الذين سعوا في خراب بيت المقدس بدليل أن مشركي العرب لم يسعوا في خراب المسجد الحرام وإن كانوا قد منعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الأوقات من الصلاة فيه.
وأيضاً الآية التي قبل هذه والتي بعدها في ذم أهل الكتاب، ولم يجر لمشركي مكة ذكر، ولا للمسجد الحرام، فتعين أن يكون المراد بهذه بيت المقدس، ورجح غيره القول الثاني بدليل أن النصارى يعظمون بيت المقدس أكثر من اليهود، فكيف يسعون في خرابه وهو موضع حجهم.
وقال الرازي: وعندي فيه وجه خامس وهو أقرب إلى رعاية النظم وهو أنه لما حولت القبلة إلى الكعبة شق ذلك على اليهود فكانوا يمنعون الناس عن الصلاة إلى الكعبة، ولعلهم سعوا أيضاً في تخريب الكعبة وفي تخريب مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا التأويل أولى مما قبله انتهى، وفي أحكام القرآن أنه كل مسجد، قال: وهو الصحيح لأن اللفظ عام ورد بصيغة الجمع فتخصيصه ببعض المساجد أو ببعض الأزمنة محال.
قلت وهذا هو الصواب فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ويدخل فيه السبب الخاص دخولاً أولياً.
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 259