وهو خلقك. قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك. قال: قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك. فأنزل الله تصديقها: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ- إلى- أَثَامًا}.
المطابقة بين الآية وسبب نزولها:
تواردت الآية والحديث في الإثم الأول على شيء واحد. وتوارد أيضاً في الثاني والثالث، إلا أن في الحديث ذكر فرد من العام هو شر أفراده وأكبرها إثماً، وفي الآية ذكر العام، ولا شك أنَّ شر قتل الولد لما في ذلك زيادة على قتل النفس من الخروج عن حنان الفطرة وارتكاب ضد ما توجبه الرعاية والكفالة، وسوء الظن بالله المتكفل برزق الخليقة. كما أن الزنى بحليلة الجار هو شر أفراد الزنى لما فيه زيادة على الزنى من انتهاك حرمة الجار وخيانة الأمانة، فإنهم ما تجاوروا حتى أمن بعضهم بعضا وأدخل الفساد على أساس التكوين الاجتماعي في الناس، وهو التجاور والتقارب.
المناسبة:
لما أثبت لهم أصول الطاعات في الآيات المتقدمة نفى عنهم أمهات المعاصي في هذه الآية تنبيها على أن الإيمان الكامل هو ما تثبت معه الطاعات وتنتفي المعاصي، وذلك هو غاية الإمتثال للأوامر والنواهي، وفيه تعريض بما كان عليه المشركون من الإتصاف بهذه المعاصي من دعائهم آلهتهم مع الله وقتلهم النفس وارتكابهم فاحشة الزنى. وقدم إثبات الطاعات على إنتفاء المعاصي تنبيها على أن من راض نفسه على الطاعة ودانت نفسه، والإنقياد للأوامر الشرعية ضعفت منه أو زالت دواعي الشر والفساد فانكف عن المعصية.