ولا شك أن المنار أثر في الحياة الثقافية في المغرب الأقصى مما جعل بعض وزراء مولاي عبد العزيز سلطان المغرب يكتبون إلى السيد رشيد رضا طالبين منه أن يرسل إليهم رجلاً مصلحاً يجمع بين الشريعة والسياسة ويعرف شؤون الإدارة ليكون وسيلة لإقناع السلطان بضرورة الإصلاح السياسي والاجتماعي والديني الذي يدعو إليه المنار. وأخبر رشيد رضا أستاذه محمد عبده بالأمر فمال إلى السفر بنفسه ولكنه عرف الصعوبات التي تحول بينه وبين الاتصال بالسلطان لأن الإنكليز والفرنسيين والأوربيين بصفة عامة يعارضون ذلك ويتربصون الدوائر بالمغرب الأقصى وهم قد شرطوا أن يكون الأمر سراً فقرر السيد رشيد رضا إرسال السيد عبد الحميد الزهراوي ولكن لم ينفذ شيء من ذلك [1]. ومن المغاربة الذين لهم صلة بالشيخ محمد عبده: الشيخ إدريس بن عبد الهادي، والمهدي الوزاني وأكثرهم تأثراً بمحمد عبده إنما هو الشيخ شعيب الدكالي الذي زار الشرق ورجع لقيادة الشبان نحو الدعوة الإصلاحية سنة 1325هـ [2] وواصل العمل الإصلاحي من بعده الشيخ المجاهد محمد بن العربي العلوي (1964م) الممثل الحي للسلفية في المغرب الأقصى.
وهناك نوع آخر من خدمة المجتمع يعتبر من عوامل الإصلاح الثقافي ونشر الوعي بماضي الأمة وهو يتمثل في عمل أبي القاسم الحفناوي [3] الذي قام بتأليف كتاب يحوي تراجم العلماء الجزائريين [1] م. س. ص 870. [2] أنظر "التعاشيب" لعبد الله كنون. [3] ولد سنة 1269هـ (1852) كان من محرري الجريدة الحكومية الرسمية (المبشر) ومدرساً بالجامع الأعظم بالجزائر كما تولى منصب الإفتاء توفى 1361هـ (1942) أنظر بحث بن شنب ص 48 نقلاً عن التقويم الجزائري لسنة 1330هـ (1912) ص 169 - 170