علماً وعملاً فقد استكمل حظه من مقام هذا الأساس العظيم، ومن أخلَّ بشيء من ذلك كان ذلك نقصاً في دينه بقدر ما أخل، حتى ينتهي الأمر إلى خلص المشركين. نعوذ بالله من الشرك جليه وخفيه إنه سميع عليم.
بيان واستدلال:
يكون الذل بمعنى ضعف الحال، وهذا قد يكون لأهل التوحيد والإيمان كما في قوله تعالى:
{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [1] ويكون بمعنى اللين المشوب بالعطف، وهذا من صفات المؤمنين الممدوحة إذا وقعت في محلها كما في قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [2].
ويكون الذل بمعنى خنوع القلب وخضوعه وانكساره للضعف والإفتقار، وهذا هو الذي لا يكون من المؤمن الموحد إلا لربه كما في حديث دعاء القنوت «ونخنع لك» أي نذل ونخضع لك، وهذا الخنوع هو أساس العبادة القلبية، فلذلك لا يكون إلا الله، وإن من أسرار كلمة "الله أكبر" التي يأتي بها المؤمن مرات كثيرة في صلواته وغيرها من أحواله حفظ القلب من الخضوع للخلق باستشعار عظمة الخالق التي يصغر عندها كل مخلوق.
فلا يزال المؤمن لهذا قوي القلب عزيز النفس بالله لا ينتظر قوة ضعفه إلا به ولا سد مفاقره إلا منه، ولقلب المؤمن الموحد أمام من يحب في الله ويعظم بتعظيم الله خضوع أيضاً، ولكنه خضوع هيبة [1] 3/ 123 آل عمران. [2] 57/ 5 المائدة.