وتوقير وإجلال، لا خضوع ذل وخنوع وضعف وافتقار، إذ هذا - كما قدمنا- لا يكون إلا للغني القوي العزبز القهار.
من مظاهر هذا الخنوع الذي لا يكون إلا لله الطاعة والإنقياد، وهي أيضاً لا تكون إلا له وقد قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [1] أي أطاعه واتبعه كما قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} فمن تبع مخلوقاً وأطاعه فيما يأمره وينهاه دون أن يكون في طاعته مراعياً طاعة الله فقد عبده واتخذه رباً فيما أطاعه فيه. وفي حديث عدي بن حاتم الذي رواه الترمذي وغيره لما جاء للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وسمعه يتلو قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [2] فقال عدي: يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم؟ قال: أليس كانوا إذا حرموا عليهم شيئاً حرموه، وإذا أحلوا لهم شيئاً أحلوه. قال: قلت نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: فتلك عبادتهم إياهم، فالمؤمن الموحد لا تكون طاعته إلا لله أو لمن طاعته طاعة لله.
ومن مظاهر ذلك الخنوع: الدعاء والسؤال والتضرع والجؤار "رفع الصوت بالدعاء والإستغاثة إليه" قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [3] {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [4] {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} في آيات كثيرة. وقال - صلى الله [1] 45/ 22 الجاثية. [2] 32/ 9 التوبة. [3] 53/ 16 النحل. [4] 162/ 27 النمل.
(5) 8/ 9 الأنفال.