بطاعته فهو ذاكر لله- تعالى-. كما حكاه النووي عن سعيد بن جبير وغيره من العلماء، مستدلاً به على أن فضيلة الذكر ليست منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها. وبهذا يمكن للعبد الموفق أن يكون ذاكراً لربِّه في يقظته ونومه وصحته ومرضه وعلى جميع أحيانه.
القسم العملي:
أمر الله عباده بذكره في غير ما آية من كتابه وغير ما حديث من كلام نبيِّه، ووعد عليه بجزيل الثواب. ومن الآيات العامة في هذا الأمر قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [1]} وهو أمر بالذكر بوجوهه الثلاث فحق علينا أن نذكره بها. وكما تلقينا هذا الأمر وهذا الوعد عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كذلك علينا أن نتلقى عنه كيف كان يعمل به، فهو المبلغ عن الله- تعالى- بقوله وفعله والمبين كذلك بهما. ولا شك أنه - صلى الله عليه وآله وسلم- كان دائم ذكر القلب بالفكر والعقد والإستحضار، دائم ذكر الجوارح في أنواع الطاعات. وقد جاء في شمائله الشريفة أنه كان - صلى الله عليه وآله وسلم-: "دائم الفكرة لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت" وأنه "كان سكوته على أربعٍ: على الحِلم والحذر والتقدير والتفكير". وأما الذكر اللساني فقد كان - صلى الله عليه وآله وسلم- كما جاء في شمائله أيضاً-: "لا يجلس ولا يقوم إلاَّ على ذكر". فلا يخلو مجلسه من ذكر الله. كما كان يسكت ويطيل السكوت كما تقدم، وقد روى عنه الأئمة من أذكار اليوم والليلة وسائر الأذكار ما فيه الكفاية والشفاء. [1] 152/ 2 البقرة.