responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجلة «الزهور» المصرية المؤلف : أنطون الجميل    الجزء : 1  صفحة : 383
تذكرت هذه الحادثة حينما أمسكت بيدي القلم للكتابة في الحرية. فما تمالكت عن ذكرها عبرة للذين يصبرون على الضيم، ويرضون بالاستعباد، وقد خلقهم الله أحراراً.
ذلك البلبل تعود أن ينتقل من غصن إلى غصن، ويطير من فنن إلى فنن يغرد أينما شاء، وحيثما أراد. فلما انتقل من هذا الجو الفسيح الذي لا يستنشق فيه سوى نسيم الحرية البليل، وهوائها العليل، إلى ذلك القفص الذي يضيق به، بذل جهده في أن يتخلص منه. فلم يمكنه. وعز عليه أن يعيش سجيناً فانتحر. ويا ما أبلغ قول مصطفى كامل لا معنى للحياة مع اليأس ولا معنى لليأس مع الحياة.
إن هذا درس مفيد للإنسان. إذ هو أحرى بأن يتمثل بقول عنترة العبسي:
لا تسقني كأس الحياة بذلة ... بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
إن الحياة بذلة كجهنم ... وجهنم بالعز أحسن منزل
عند ذلك تذكرت قول أحد الأدباء لو عرف الإنسان قيمة حريته المسلوبة منه، وأدرك حقيقة ما يحيط بجسمه وعقله من السلاسل والقيود لانتحر كما ينتحر البلبل إذا حبسه الصياد في القفص وكان خيراً له من حياة لا يرى فيها شعاعاً من أشعة الحرية ولا تهب عليه نسمة من نسماتها.
فالحرية هي معنى الحياة. ودليل الرقي، وعنوان المجد، ودعامة السعادة. ورائد الآمال. وروح الاستقلال.
الحرية هي سر الوجود، سر القوة سر الثبات في العمل، سر نجاح الأمم، سر تقدم الشعوب، سر نظام الحكومات.

اسم الکتاب : مجلة «الزهور» المصرية المؤلف : أنطون الجميل    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست