responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقالات موقع الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 422
وتفسير خذلان أهل الحق لأتباعهم، ونصرة أهل الباطل لأفراخهم أن أهل الباطل في مجتمعات المسلمين هم الأقلية، وأهل الحق هم الأكثرية، ومن السنن البشرية أن الأقلية دائمة التكتل، وتسعى في تكثير الأتباع، وتكون معتادة على أجواء التوتر، وتتقن التعامل مع الأزمات، بينما الأكثرية تكون في حالة أمن واسترخاء، ولم تعتد على أجواء التوتر، ولا تحس بفقد بعض أفرادها لكثرتهم. كما أن الحكومات قد تعودت من الأقليات على أنواع من التمرد فلا تستنكره منهم مهما كان عظيماً، بخلاف الأكثرية التي يستكثر منها ما هو صغير.
السبب الثاني: الانفصام بين العلم والعمل: فأحياناً يقع الطالب على مخالفة وقع فيها شيخه -وهو يراه مثله الأعلى- فيسقط من عينه، ويجني على نفسه بإسقاط المنهج الذي ينتهجه شيخه، ويبحث له عن منهج آخر، وقد حُدثت عن بعض أهل العلم ممن هام في بعض المبتدعة، فتعصب له أن بداية ذلك: رحلته لشيخ يأخذ عنه، فرأى في بيته ما يكره أن يراه من شيخه، فنفر منه وتحول إلى شيخ مبتدع كان قد سمع به، فرآه على حال من الزهد لم يره في شيخه الأول، فكان ذلك فتنة له؛ فلزمه وهام به، وركب شيئاً من بدعته. ولو أنه أحسن لسأل شيخه عما كره فلعله معذور فيه، أو متأول، أو غير ذلك. ولو وفق للهدى لفرق بين علم الرجل وسمته؛ فليس كل زاهد في الدنيا يصيب السنة، وليس كل مخطئ في سلوكه يهجر لخطئه ولو كان من علماء السنة، والحق يعرف بالأدلة من الشريعة، ولا يعرف الحق بالرجال، كما أن الباطل يعرف بطلانه بالأدلة، ولا يحيله زهد صاحبه إلى حق.
السبب الثالث: ضعف الفقه في علاج خطأ من أخطأ من أهل العلم والصلاح، أو فعل خلاف ما هو أولى أو ما لا يليق بأمثاله، أو أتى بقول شاذ، فيكون حقه التعنيف والتقريع والسخرية في كثير من الأحيان مما يجعله يصر ويكابر ويدافع عن موقفه ولو كان خطأ، وهنا يتسلل الشيطان إلى قلبه، ويركبه أهل السوء والنفاق؛ لتنفيره من أهل استقامة والصلاح، أو يحرج فيجتنبهم فيجد في الطرف الآخر من يحسن استقباله وتسليته.
وأعرف واحداً من النابهين في العلم خالف في مسائل ولم يكن من أهل البلد الذي عاش طيلة عمره فيه، فكأن بعض الحاسدين له اقتنصوا مخالفته فشنعوا عليه وضايقوه حتى فارقهم ورحل عن بلادهم، فتلقفه آخرون، وأحسنوا احتواءه، ووضعوه في مقامه اللائق به علمياً، وسخروا قوته العلمية في تشريع كثير من الرخص على وفق منهجهم، ونقد المنهج السابق بحجة التشدد. ولا شك في أنه يلام في ذلك، لكن النفس البشرية تضعف أمام المضايقات، وتستعبد لإحسان الآخرين ولو كانوا مخالفين في المنهج الصحيح.

اسم الکتاب : مقالات موقع الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 422
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست