responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقالات موقع الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 421
السبب الخامس: منافسة الأقران، فقد يكون له قرين في مثل استقامته أو علمه لكنه تقدم عليه بالحظوة عند الناس أو بمنصب ديني أو بالشهرة أو يفتح الله تعالى له بابا من العلم أو الرزق لا يفتحه لقرينه، فيحسده على ذلك، ويركب الصعب والذلول للحاق به ولو تنازل عن بعض مبادئه أو أكثرها .. وينحصر همه في أن يصله أو يتعداه، ويعظم ذلك إذا كان قرينه أقل منه علماً أو دعوة، أو كان أحد تلاميذه، أو اهتدى عليه فيغار منه، وأعرف شخصا كذلك، إذ ما زال يتقرب لذوي الجاه بالوشاية في قرين أصغر منه لحسده إياه على ما آتاه الله تعالى من العلم حتى فاقه، ومنافسة الأقران في حظوظ الدنيا تؤدي إلى ذل النفس وانحطاطها، وبيعها الدين وتسخيرها الفقه لخدمة الخلق؛ لطلب نصرتهم وعزهم، يقول ابن عاشور رحمه الله تعالى: الحاجة إلى الناصر لا تكون إلا من العجز عن الانتصار للنفس. [1] السبب السادس: أن يكون للشخص أتباع يظن أنهم ينصرونه ولا يتخلون عنه، فلا يقع ما ظنه منهم فينتقم منهم -من حيث يشعر أو لا يشعر- بمخالفة منهجهم ولو كان صواباً، وكل نبي حمل أعباء الدعوة وحده، وتحمل ما يناله منها وحده، ولم ينتظروا نصرة من غير الله تعالى، وهم قدوة الدعاة إلى الله تعالى.
أسباب تتعلق بالمجتمع (مجتمع العلماء والدعاة):
السبب الأول: صد الطاقات الواعدة، والمواهب الصاعدة، وإهمالها وعدم العناية بها، مع أنها ترى أنها أميز من غيرها من الأقران، والواجب على التابع أن لا يؤثر ذلك فيه لكن بعض الأتباع ضعيف، فعند إهمال المتبوع له -عالم أو داعية أو مرب- يفارق التابع مجلس متبوعه ودرسه، وربما انقلب عليهم بالحط والثلب، وحينها يجد من يتلقفه من أهل الشر، فيرفعه ويعتني به ويستخدمه معول هدم للحق، وأذكر أن فتى يافعاً نبيهاً صار بينه وبين مشايخ بلدته جفوة واختلاف فيمم شطره لبعض مشاهير الشعراء من النصارى، فاعتنى به عناية فائقة لما رأى من نبوغه وعبقريته، وظل يتعاهده ويواصله بالمراسلة مع أن هذا الفتى في العشرينيات، والنصراني في الثمانينيات.
وحدثني بعض أهل العلم والأدب عمن عاصر عبد الله القصيمي -العالم السلفي الذي انقلب إلى ملحد- أن من أسباب صدوده عن أهل العلم، وثورته على الدين وأهله أنه لما قدم من مصر كان يعتمر العقال، ويعتني بمظهره اعتناء زاد على المألوف، فكأن بعض أهل العلم استوحشوا ذلك منه فجفوه، وكان دُعي إلى وليمة لبعض أهل العلم، فلم يأبهوا به ولم يقدموه، فحمل ذلك في نفسه وفارقهم.
وفي مقابل ذلك نرى جلدا من أتباع الباطل في تكثير أتباعهم، والدفاع عنهم، واستماتتهم في نشر باطلهم، وكان لي قريب في المرحلة المتوسطة وكان كتب قصيدة فيها شيء من تمرد ونشرها في بعض الصحف، فاطلع عليها سفير سبعيني، فأرسل له رسالة خاصة يثني عليه بها.
ورأيت شاباً انتحل مذهب الحداثيين في التمرد، فجاوز المعهود في قوله، فأُخذ به، فوقف معه الحداثيون وسائر المنحرفين وقوفاً عجيباً، ودافعوا عنه باستماتة حتى ألغوا ما يستحق من العقاب.
وفي مقابل ذلك فإن كثيراً ممن ابتلوا وهم على الحق لم يلتفت لهم أحد، فربما ضعف بعضهم بسبب ذلك، وانقلب على منهجه السابق.

[1] تفسير التحرير والتنوير: 15/ 239.
اسم الکتاب : مقالات موقع الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 421
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست