اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 88
الأهمية المعنوية في النحو العربي قبل سيبويه
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[29 - 04 - 2014, 09:32 م]ـ الأهمية المعنوية في النحو العربي قبل سيبويه
(1)
من نحو أبي الأسود الدؤلي رحمه الله
تذكر كتب التراث أنَّ أبا الأسود الدؤلي قام بتشكيل أو نقط القرآن الكريم وأنه اختار رجلا من عبد القيس وقال له: خذ المصحف، وصبغا يخالف لون المداد، فإذا فتحت شفتيَّ فانقط واحدة فوق الحرف، وإذا ضممتهما فاجعل النقطة إلى جانب الحرف، وإذا كسرتهمافاجعل النقطة في أسفله، فإن أتبعت شيئا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين" (1)
هذا يعني أنَّ أبا الأسود كان يقرأ القرآن الكريم معربا بالحركات، فما الأساس الذي اعتمده أبو الأسود في إعرابه أو نقطه للقرآن الكريم؟
الأساس الذي اعتمده أبو الأسود الدؤلي هو المعنى والاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب، وقد كان أبو الأسود يفكر وهو يقول ويقول وهو يفكر، وكان يرفع وينصب ويجر ويجزم بحضور الألفاظ ومعانيها،"وكان يحصر اهتمامه بما يناط بالكلمة من معنى فرعي في التركيب كالفاعلية والمفعولية وما ينجم عن ذلك من حالات الإعراب" (2)
وقد كان أبو الأسود يقرأ "ألا إنهم تثنوني صدورُهم ليستخفوا منه " (3) بدلا من قراءة الجمهور "يثنون صدورَهم"فقد أتى بالفعل على صيغة "تفْعَوْعِل"التي تدل على المبالغة مثل "يغدودن، ويعشوشب" (4) فالمعنى والحاجة المعنوية عند المتكلم هو الأساس الذي تتم القراءة بناء عليه، ونقط القرآن الكريم أو تشكيله يقوم على المعنى والاحتياج المعنوي.
===========================================
(1) إيضاح الوقف والابتداء ص ص 40 - 41
(2) د. محمد خير الحلواني - المفصل في تاريخ النحو العربي- ط1 - ج1 ص110
(3) المحتسب -ج1 ص319
(4) د. محمد خير الحلواني - المفصل في تاريخ النحو العربي- ط1 - ج1 ص102
===========================================
(2)
من نحو عبدالله بن أبي اسحق الحضرمي
إخضاع العلامة الإعرابية للمعنى عند المتكلم
علامة الإعراب أو علامة أمن اللبس تابعة للمعنى، يتحكم بها المتكلم كيفما يشاء وبحسب المعنى والاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب، فالرافع والناصب والجار والجازم بحضور الألفاظ ومعانيها هو المتكلم، والإعراب تابع لقصد المتكلم، والمتكلم يقول وهو يفكر ويفكروهو يقول تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض، وإليك هاتين القصتين:
1 - كان عبدالله بن أبي إسحق الحضرمي النحوي كثير التصدي للفرزدق والتعريض بأخطائه، فقد قال له يوما: على أي شيء رفعت مجلَّف؟ أو ما المعنى الذي دعاك إلى الرفع في قولك:
إليك أمير المؤمنين رمت بنا هموم المنى والهوجل المتعسِّفُ
وعضُّ زمان يا ابن مروان لم يدع// من المال إلا مسحَتا أو مجلَّفُ
فقال له الفرزدق: على ما يسوءك وينوءك، علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا.
ولعله بسؤاله كان يرمي إلى معرفة ما في نفس الفرزدق من معنى يقبل الرفع.
فالاثنان يعترفان بأنَّ المتحكم في العلامة هو المتكلم وبحسب المعنى، والاحتياج المعنوي.
2 - وسأل الحضرمي الفرزدق يوما: كيف تنشد هذا البيت:
وعينان قال الله كونا فكانتا // فعولان بالألباب ما تفعل الخمر
فأنشده الفرزدق:"فعولان"،فقال له عبدالله: ما كان عليك لو قلت: فعولين؟ فقال الفرزدق: لو شئت أن أسبِّح لسبَّحت، ونهض فلم يعرفوا مراده، فقال عبدالله: لو قال فعولين لأخبر أنَّ الله خلقهما وأمرهما، (وكان ناقصة، أي: فكانتا فعولين) ولكنه أراد أنهما تفعلان ما تفعل الخمر (وكان تامة، وفعولان: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هما)،فالعلامة الإعرابية تابعة للمعنى، والكلام يقوم على الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
(3)
من نحو أبي عمرو بن العلاء
أ- كان أبو عمرو بن العلاء يقول: ادخلوا الأولُ فالأولُ
لأن الفعل "ادخلوا" عنده بمعنى "ليدخل"،والأولُ: فاعل للفعل "ليدخل"،أما المتأخرون فقالوا: ادخلوا الأولَ فالأولَ، وينصبون الأول على الحال والتقدير عندهم: ادخلوا مترتبين، أقول: ويمكن أن تكون الأولُ بدلا من الضمير الفاعل كما قال تعالى: وأسروا النجوى الذين ظلموا".
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 88