اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 737
دروس في شرح علم الصرف للمبتدئين سهلة وواضحة
ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[05 - 08 - 2012, 12:33 ص]ـ
http://www.feqhweb.com/vb/images/Basmala.png
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد ..
فإن علم الصرف من أجل العلوم قدر، وأكثرها للناس نفعا، ولا غنى لطالب فهم القرآن والسنة عنه.
وقد اعتاد علماؤنا في بلدنا تدريس المتن الموسوم بالبناء لطلاب العلم، ورأيت أن أهذبه وأزيد عليه بعض المباحث التي تمس الحاجة إليها، ثم أقوم بشرحه وتسهيله.
والله أسأل أن يفتح علينا في هذه الأيام الطيبات المباركات، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يقينا شر أنفسنا وشر خلقه هو حسبنا ونعم الوكيل.
(الدرس الأول)
مقدمة
الصرف: قواعد يعرف بها تغيير بنية الكلمة لغرض معنوي أو لفظي.
وفائدته: صون اللسان عن الخطأ في الكلمة، وفهم القرآن والسنة.
بمعنى أنَّ الكلمات العربية تحدث فيها تغييرات متعددة، من حالة إلى أخرى تناسب المعنى المقصود.
لاحظْ معي هذه الكلمة (الضَرْب) تجد معناها معروف وهو إيقاع شيء على شيء، ثم تُحَوَّل تلك الكلمة إلى صورة أخرى وهي: (ضَرَبَ) ومعناها حدوث الضرب في الزمن الماضي، وتحول إلى: (يَضْرِبُ) فتدل على المضارع وتحول إلى: (اِضْرِبْ) فتدل على الأمر، وتحول إلى: (ضَاْرِب) فتدل على من صدر منه الضرب، وتحول إلى: (مَضْرُوْب) فتدل على الشخص الذي وقع عليه الضرب، وتحول إلى (مِضْرَب) فتدل على آلة الضرب.
فتجد أن هنالك مادة مشتركة بين هذه الكلمات وهي حروف (ض- ر- ب) وتجد كل كلمة لها بنيتها وصورتها وصيغتها الخاصة بها أي حركاتها وسكناتها وعدد أحرفها فمثلا صيغة ضَاْرِب، تختلف عن صيغة ضَرَبَ أو يَضْرِبُ أو مَضْرُوْب، فالضاد فيه مفتوحة، والراء مكسورة، وبينهما الألف الساكنة فتميزت عن البقية.
وكذلك قل في عَمَلٍ- عَمَلَ- يَعْمَلُ- اِعْمَلْ- عَامِل- مَعْمُوْل- مَعْمَل ونحوها مثل الكتابة، والجلوس، والصناعة.
فعلم الصرف يعطيك القواعد التي تتمكن بها من تحويل الكلمة من صيغة إلى أخرى لتحصل على معان جديدة. فيعملك مثلا أن المضارع يشتق ويؤخذ من ماضي ضرب، وكتب، وسجد ونحوها بزيادة أحد أحرف أنيت وتسكين الحرف الذي يليها مثل: ضَرَبَ .. يَضْربُ، كَتَبَ .. يَكْتبُ، سَجَدَ .. نَسْجدُ، وهكذا.
فأول وظيفية لعلم الصرف تعليم القواعد التي تنتج بها الكلمات المختلفة على حسب المعنى الذي تريده.
وأما الوظيفة الثانية فهي البحث عن التغييرات التي تحصل في الكلمة لغرض لفظي لا معنوي أي لا يراد بها تحصيل معان جديدة. لاحظْ معي هذه الكلمات: (رَدَّ- سَدَّ- مَدَّ- عَدَّ) تجدها أفعالا ماضية ولكنها تختلف عن البقية نحو ضَرَبَ- كَتَبَ- ذَهَبَ، والذي حصل فيها هو دمج حرفين في بعضهما فأصل ردَّ هو رَدَدَ، فوجدت العربُ ثقلا في النطق بسبب تكرير حرفين متماثلين فجعلت الحرفين المتكررين حرفا واحدا مشددا فصار رَدَّ، وكذلك البقية وهذا ما يسمى بالإدغام وهو دمج الحرفين في بعضهما وجعلهما حرفا واحدا مشددا، فهذا النوع من التغيير أعني التغيير من رَدَدَ إلى رَدَّ يسمى تغييرا لفظيا لأن الداعي له هو التخفيف وتسهيل النطق وليس تحصيل المعاني الجديدة، فاتضح أن علم الصرف يدرس ويبحث في نوعين من التغييرات في الكلمة: (المعنوية واللفظية).
وبه يظهر جليا فائدة دراسة الصرف لأنه يصون اللسان عن الخطأ في نطق الكلمات فإذا أردت أن تأتي بالأمر مثلا مِن يَضْرب قلتَ (اِضْرِبْ) ولم تقلْ (ضَرَبْ) مثلا لأنك تعرف الصياغة الصحيحة للأمر وإذا أردتَ أن تدل على الشخص المضروب قلتَ (مَضْرُوْب) ولم تقل (مُضَارِب) مثلا لأنكَ تعرف الصياغة الصحيحة للكلمة.
وكذلك إذا قلتَ مدَّ زيدٌ رجلَه، فقد أصبتَ وإذا قلتَ مدَدَ فقد لحَنتَ لأن الإدغام هنا واجب.
وكذلك هو يعين على الفهم الصحيح لكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأن لكل صيغة معنى مستقلا فإذا لم يعرف القارئ معاني تلك الصيغ فلن يفهم النصوص بشكل صحيح.
مثال: قال الله تعالى: (إنَّ للمتقينَ مَفَازاً) فقد يخفى ما معنى المفاز، فإذا رجع إلى علم الصرف علمت أن هذه الصيغة اسم مكان فالمعنى إنَّ للمتقين مكانا للفوز وهو حدائق الجنة.
مثال آخر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن تَسَمَّعَ حديثَ قومٍ وهو له كارهونَ صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يومَ القيامةِ) رواه البخاري، والآنُكُ هو الرصاصُ المذابُ، فقد يتحدث اثنان بينهم سرا ويمر شخص لا يحبون أن يسمع ما يقولونه، فيصل إلى سمعه حديثهم، فيُظنُّ أن الحديث قد انطبق عليه وقد وقع في الوعيد، والحقيقة ليس الأمر كذلك لأن صيغة (تَسَمَّعَ) تختلف عن (سَمِعَ) فالأولى تقتضي التكلف أي السعي في تحصيل السماع بأن يذهب يتجسس على حديثهم فهذا هو محل الوعيد بخلاف غير الساعي بذلك وهذا الفرق عرفناه بعلم الصرف.
والفرق بين النحو والصرف هو أن النحو يبحث في حال آخر الكلمة مما يحدث بسبب العامل كجاءَ زيدٌ ورأيتُ زيداً ومررتُ بزيدٍ فصارت الدال محلا للتغيرات على حسب ما يقتضيه العامل فعلم النحو لا يبحث إلا في الحرف الأخير، بخلاف الصرف فهو يبحث في أوائل وأواسط الكلمات مثل ضرب فهو يهتم بحركة الضاد وحركة الراء وبتقلبات الكلمة كيَضْرِب أو ضَارِب ولا علاقة لعلم الصرف بالعامل فتغييراته تحدث من غير عامل يطلبها ولهذا فالنحو يتعلق بالكلمة في حال تركيبها في الجملة، والصرف يتعلق بنفس الكلمة المفردة قبل أن تدخل الجملة.
فالخلاصة هي أن علم الصرف هو قواعد يعرف بها تغيير صيغة الكلمة لغرض معنوي أو لفظي، وأن مراعاة قواعد الصرف تحفظ اللسان عن الخطأ في صياغة الكلمات وتعين على الفهم السليم للكتاب والسنة.
(أسئلة)
1 - في ضوء ما تقدم ما هو علم الصرف؟
2 - ما هي فائدة دراسة علم الصرف؟
3 - وضح كيف أن الصرف يكشف المعنى المراد؟
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 737