اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 614
الفصل بين المضاف والمضاف إليه
ـ[محمد تبركان]ــــــــ[15 - 04 - 2013, 06:30 م]ـ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
بعد اطّلاعي على المقال الأوّل في مجلّة الملتقى المُعنون ب (مسألة: قطع الله يد ورجل مَن قالها)،ذكرت أنّ لي بُحَيْثا في هذا الموضوع، وأنا طارحه بين أيديكم عسى أن أُفيد به أو أستفيد من توجيهات أعضاء الملتقى.
فأقول:
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مَنْ تَأَمَّلَ تَأْلِيفِي * وَقَابَلَ بِالإِغْضَاءِ نَحْوِي وَتَصْرِيفِي
فَمَا لِيَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنِّي اِخْتَصَرْتُهُ * وَنَقْلُ كَلاَمِ النَّاسِ فَنُّ تَعْسِيفِي [1] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn1)
الفَصْلُ بَيْنَ المُضَافِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ: اِعلم أنّ المضافَ والمضافَ إليه صارا بالتّركيب الإِضافيّ بمثابةِ الكلمةِ الواحدة؛ وأنّ (المضافَ إليه يتنزّلُ مِن المضافِ منزلةَ التّنوينِ؛ فهو مِن تَمامِه؛ فالقياسُ يَقتضي أن لا يجوز الفصلُ بينهما إلاّ على سبيلِ الضّرورة) [2] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn2)؛ لذا بعض اعتبرَ العلماءُ الفصلَ بينهما مِن اللَّحْنِ القَبيحِ؛ إلاّ أنْ يضطرَّ إليه شاعرٌ. قالَ ابنُ جِنِّيّ [3] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn3):(وعلى الجملةِ فكلّما ازدادَ الجُزءانِ اِتِّصالاً؛ قَوِيَ قُبْحُ الفصلِ بينهما)،وقال [4] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn4):(والفصلُ بين الجارِ ومَجرُورِهِ لا يجوزُ، وهو أقبحُ مِنه بين المُضافِ والمُضافِ إليه، وربّما فَرَدَ الحَرْفُ مِنه فجاءَ مَنْفُورًا عنه).
وإنّما جازَ الفصلُ بينهما بالظَّرف، وحرف الجرّ؛ لأنّ الظَّرف، وحرفَ الجرِّ يُتَّسَعُ فيهما ما لا يُتَّسَعُ في غيرِهما.
وقد حكى الخلافَ في هذه المسألة البغداديُّ في الخزانة (2/ 93) نقلاً عن ابن الأنباريّ في كتابه " الإنصاف في مسائل الخلاف ".وممّا جاء فيه قولُه: (فقال [5] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn5): ذهبَ الكوفيّون إلى أنّه يجوزُ الفصلُ بين المضافِ والمضافِ إليه بغيرِ الظَّرْفِ وحرفِ الخَفْضِ، لِضرورةِ الشِّعرِ، وذهبَ البَصريُّون إلى أنّه لايجوزُ ذلك بغيرِهما …).
وأمّا ابنُ هشامٍ فقد أجادَ – لِلَّهِ دَرُّه - تحريرَ الصّوابِ في المسألة في " أوضح المسالك " [6] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn6) قال – رحمه الله -: (زعمَ كثيرٌ مِن النّحويين أنّه لا يُفصَلُ بين المتضايفينِ إلاّ في الشّعرِ. والحقُّ أنّ مسائلَ الفصلِ سَبْعٌ، مِنها ثلاثٌ جائزةٌ في السَّعَة، وأربعٌ جائزةٌ للضّرورة. أمّا الثّلاثُ الجائزةُ في السَّعَةِ فهي [7] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn7):
1. أن يكونَ المضافُ مَصدرًا والمضافُ إليه فاعله، والفاصِلُ إمّا:
أ - مفعولُ المضاف، كقراءةِ ابنِ عامر [8] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn8):(وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلَادَهُمْ شُرَكَائِهْمْ) [9] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn9). والتّقدير: قتلُ شركائِهم
أولادَهم؛ ففصلَ بالمفعولِ بين المضافِ والمضافِ إليه؛ لأنّ المضافَ مصدرٌ، والمصدرُ شبيهٌ بالفعل.
وقال الشّاعر: فَسُقْنَاهُمْ سَوْقَ البُِغَاثَ الأَجَادِلِ
وسلك المتنبِّي [10] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn10) هذه الطريقة عندما قال:
حَمَلَتُ إليهِ مِن لِسَانِي حَدِيقَةً * سَقَاهَا الحِجَى سَقْيَ الرِّياضَ السّحائِبِ.
والتّقدير: سقيَ السَّحائبِ الرياضَ، بإضافة السَّقي إليها؛ ففصلَ بين المضافِ والمضافِ إليه بالمفعول.
ب - ظرفُه، كقولِ بعضِ مَن يُوثَقُ بعربيَّتِهِ: تَرْكُ يومًا نفسِك وهواها، سَعيٌ لها في رَداها [11] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn11). قال في موسوعة النّحو والصّرف
والإعراب [12] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn12): المصدر " تَرْكُ " أُضيفَ إلى " نَفْسِكَ "،وفصلَ بينهما الظَّرفُ " يومًا ".
2. أن يكونَ المضافُ وصفًا (اسم فاعل) والمضافُ إليه إمّا:
أ - مفعولُه الأوّل والفاصلُ مفعولُه الثاني، كقراءة بعض السّلف [13] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn13):(فَلَا تَحْسِبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ) [14] (http://www.ahlalloghah.com/#_edn14)؛ ففصلَ بين "مُخْلِفَ"
و"رُسُلِهِ" بالمفعول وهو "وَعْدَهُ"؛لأنّ المضافَ اسمُ فاعلٍ، واسمُ الفاعلِ شَبيهٌ بالمضافِ.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 614