اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 478
الدرس الثامن عشر من دروس شرح متن قطر الندى.
ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[06 - 08 - 2013, 04:36 ص]ـ
الدرس الثامن عشر
الحروف التي تعمل عمل ليس
قد تقدم أن الأفعال الناقصة ترفع المبتدأ اسما لها، وتنصب الخبر خبرا لها، وهنالك حروف عملت عمل هذه الأفعال وهي: ما، ولا، ولاتَ الدالة على النفي فقد أجروها مجرى ليس في رفع الاسم ونصب والخبر.
أولا: ما، مثل: ما أنتَ رابحًا، فما: حرف نفي مبني على السكون يعمل عمل ليس، أنت: ضمير في محل رفع اسم ما، رابحا: خبر ما.
قال تعالى: (وَقُلْنَ حَاشَ لِلهِ مَا هَذَا بَشَرًا)، ولا تعمل هذا العمل إلا بشروط أربعة هي:
1 - أن لا يتقدم خبرها على اسمها، فإن تقدم بطل عملها، فلا يقال: ما رابحا أنتَ، وإنما: ما رابحٌ أنتَ، فرابح خبر مقدم، وأنت مبتدأ مؤخر.
2 - أن لا يقترن اسمها بـ (إنْ) الزائدة، فإن اقترنَ بطل عملها، مثل: ما إنْ أنتَ رابحٌ، برفع رابح على أنه خبر لأنت لاقتران اسمها بأنْ الزائدة وعلامة كونها زائدة صحة المعنى مع حذفها وهي لا تعمل شيئا.
3 - أن لا يقترن خبرها بـ إلا، فإن اقترن بطل عملها، مثل: ما أنتَ إلا تاجرٌ برفع تاجر على أنه خبر لأنت.
4 - أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها، فإن تقدم بطل عملها، مثل: ما زيدٌ كاتبًا الدرسَ، فما: نافية تعمل عمل ليس، زيدٌ اسمها، كاتبا: خبرها منصوب، الدرسَ: مفعول به لكاتب لأنه اسم فاعل فيعمل عمل الفعل، فالدرسَ معمول لخبر ما، فإذا أردت أن تقدم هذا المعمول على اسم ما فسيلغى عمل ما، مثل: ما الدرسَ زيدٌ كاتبٌ، برفع كاتب على أنه خبر لزيد، والدرسَ مفعول به مقدم لاسم الفاعل.
ثانيا: لا، كقول الشاعر: تَعَزَّ فلا شيءٌ على الأرضِ باقيًا، لا: نافية تعمل عمل ليس، شيءٌ اسمها، على الأرضِ: جار ومجرور، باقيا: خبرها.
ويشترط لعملها أربعة شروط:
1 - أن يكون العمل في الشعر دون النثر.
2 - أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، فلا يصح أن تقول: لا المالُ مأمونًا بيد المسرفِ، لأنك أعملتها مع أن اسمها معرفة.
3 - أن لا يتقدم خبرها على اسمها، فلا يصح: لا باقيًا شيءٌ على الأرض لأنك أعملتها مع تقدم خبرها على اسمها.
4 - أن لا يقترن خبرها بإلا، فلا يصح: لا سعيٌ إلا مثمرًا، لأنك نصبت الخبر مع اقترانه بإلا.
ثالثا: لاتَ، ويشترط لعملها أن يكون اسمها وخبرها لفظ الحين أو ما بمعناه كالساعة والوقت وأن يحذف أحدهما والغالب هو حذف الاسم وبقاء الخبر، مثل قوله تعالى: (كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ).
لَاتَ بمعنى ليس، واسمها هو الحينَ محذوف، حينَ: خبرها منصوب وهو مضاف، ومناصٍ مضاف إليه، والمعنى فنادوا وليس الحينُ حينَ مناصٍ أي فرار.
إنَّ وأخواتها
هي ستة أحرف: إنَّ، وأَنَّ، وكَأَنَّ، ولَكِنَّ، ولَيْتَ، ولَعَلَّ. وعملها نصب المبتدأ على أنه اسمها، ورفع الخبر على أنه خبرها.
1 - إِنَّ وهي للتوكيد أي توكيد ثبوت الخبر للمبتدأ ورفع الشك عنه، فإذا أردت توكيد: زيدٌ قائمٌ، قلت: إنَّ زيدًا قائمٌ.
2 - أَنَّ وهي للتوكيد أيضا ولكن لا تقع في بداية الجملة بل لا بد أن يسبقها شيء مثل: علمتُ أنَّ زيدًا قائمٌ.
وهي مصدرية تؤول مع اسمها وخبرها بمصدر والتقدير: علمتُ قيامَ زيدٍ.
3 - كَأَنَّ وهي للتشبيه، تقول: كأَنَّ زيدًا أسدٌ.
4 - لَكِنَّ وهي للاستدراك، وهو: تعقيبُ الكلام بما يرفع التوهمُ، فإذا أردتَ الإخبارَ عن زيدِ بأنه شجاع، فقد يتوهم السامع أنه كريم أيضا؛ لأن الغالب أن يكون الشجاع كريما، وبما أنه ليس كذلك فتقول: زيدٌ كريمٌ لكنَّهُ بخيلٌ.
5 - لَيْتَ وهي للتمني، وهو: طلب الأمر المحبوب الذي يستحيل أو يبعد حصوله.
مثل قول الشيخ: ليتَ الشبابَ يعودُ، ومثل قول الفقير الآيس: ليتَ لي ألفَ دينارٍ.
6 - لَعَلَّ وهي إما للترجي وهو: طلب أمر محبوب لا يصعب حصوله.
مثل: لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُنَا، أو للإشفاق وهو: توقع حصول أمر مكروه. مثل: لعلَّ العدوَّ يباغتنا، أو للتعليل مثل: عِظ الظالمَ لعلَّهُ يرتدِعُ، أي ليرتدع.
كفّ هذه الأحرف عن العمل
إذا اقترنت بهذه الأحرف (ما) الزائدة، كفتها عن العمل أي منعتها عن العمل، وزال اختصاصها بالجملة الاسمية.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 478