اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 443
الدرس الثالث والعشرون من دروس شرح متن قطر الندى.
ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[23 - 09 - 2013, 11:12 م]ـ
الدرس الثالث والعشرون
الاشتغال
الاشتغال هو: أن يتقدمَ اسم، ويتأخر عنه عامل مشغول عن نصبه، بالعمل في ضميره أو مضاف لضميره.
توضيحه: إذا قلنا: ضربتُ زيدًا، فزيدا مفعول به منصوب بضرب، وإذا قلنا: زيدًا ضربتُ، فزيدا مفعول به مقدم منصوب بضرب أيضا، ولكن إذا قلنا: زيدًا ضربْتُهُ، فهنا الفعل ضربَ مشغول عن نصب زيد بالعمل في الضمير الهاء العائد على زيد فلا يمكن أن ينصب زيدا أيضا فما الذي نصبه؟
الجواب: هو منصوب بفعل محذوف يفسره الفعل الذي قبله والتقدير: ضربتُ زيدًا ضربته، فزيدًا: مفعول به منصوب بفعل محذوف وعلامة نصبه الفتحة. فاتضح أنه لولا الهاء من ضربْتُهُ لتسلط الفعل على الاسم المتقدم ونصبه.
فأركان الاشتغال ثلاثة: مشغول وهو العامل (ضَرَبَ)، ومشغول به (الهاء)، ومشغول عنه وهو الاسم المتقدم (زيد).
وكذا لو قلنا: زيدًا ضربتُ أخاهُ، فهنا العامل ضَرَبَ اشتغل عن نصب زيد بالعمل في الأخ وهو مضاف إلى ضمير زيد. واعلم أنه يجوز أيضا وجه آخر وهو رفع الاسم المتقدم فنقول: زيدٌ ضَربْتُهُ، وضربتُ أخاهُ، برفع زيد على أنه مبتدأ والجملة في محل رفع خبر.
أحكام الاسم المتقدم على الفعل
ما سبق من جواز نصب الاسم المتقدم على أنه مفعول به لفعل محذوف أو رفعه على أنه مبتدأ هو الأصل في باب الاشتغال ولكن قد يعرض على الجملة ما يجب معه نصب الاسم، أو رفعه من غير جواز وجه ثان على التفصيل الآتي:
أولا: وجوب النصب.
وذلك إذا وقع قبل الاسم المتقدم أداةٌ خاصة بالأفعال كأداة الشرط.
مثل: إنْ زيدًا رأيتَهُ فأَكْرِمْهُ، فزيدا مفعول به لفعل محذوف هو فعل الشرط، ولا يجوز رفعه على الابتداء؛ لأن أداة الشرط لا تدخل على الأسماء.
ثانيا: وجوب الرفع.
وذلك إذا وقع الاسم المتقدم بعد أداة خاصة بالأسماء مثل: إذا الفجائية.
تقول: خرجتُ فإذا زيدٌ يَضْرِبُهُ عمرٌو، فزيد مبتدأ والجملة بعده خبر، ولا يجوز نصبه لأن النصب على تقدير فعل قبله، وإذا الفجائية لا تدخل على الأفعال.
ثالثا: ترجيح النصب، وذلك في ثلاث حالات:
1 - أن يقع بعد الاسم المتقدم فعل دال على الطلب كالأمر والنهي والدعاء.
مثل: زيدًا أكرمْهُ، عمرًا لا تطرُدْهُ، اللهُمَّ عبدَكَ ارحمْهُ، فهنا يترجح نصب الاسم المتقدم، لأن الرفع يقتضي أن يكون الاسم المتقدم مبتدأ وأن الجملة بعده خبر، والإخبار بالجملة الطلبية- وإن كان جائزا- قليل؛ لأن الإخبار بها خلاف الأصل لكونها لا تحتمل الصدق والكذب.
2 - أن يقترن بالاسم المتقدم أداةٌ الغالب عليها أن تدخل على الأفعال كهمزة الاستفهام.
مثل: أزيدًا رأيتُهُ، فهنا يترجح النصب لأن الغالب في همزة الاستفهام أن تدخل على الأفعال ونصب الاسم المتقدم يقتضي وجود فعل قبله محذوف.
3 - أن يكون الاسم المتقدم مقترنا بحرف عطف مسبوق بجملة فعلية.
مثل: ضربتُ زيدًا وعمرًا أكرمتُهُ، فَنَصْبُ عمرو بفعل محذوف يقتضي أن تكون الجملة فعلية، فتكون معطوفة على الجملة الفعلية التي قبلها وهما متناسبتان، والتقدير ضربتُ زيدًا وأكرمتُ عمرًا، وأما رفع عمرو فيقتضي أن تكون الجملة الثانية اسمية معطوفة على جملة فعلية وهما غير متناسبتين.
رابعا: استواء الرفع والنصب بلا رجحان.
وذلك إذا وقع الاسم المتقدم بعد حرف عطف مسبوق بجملة فعليه وقعت خبرا لاسم قبلها.
مثل: زيدٌ قامَ أبوه وخالدٌ أكرمتُهُ، فهنا خالد وقع بعد حرف عطف مسبوق بجملة فعليه وهي قام أبوه وقعت خبرا لمبتدأ قبلها وهو زيد، فيجوز فيه النصب والرفع على السواء. فإذا قلت: وخالدًا أكرمتُهُ، كان منصوبا بفعل محذوف فصارت الجملة فعلية معطوفة على الجملة الفعلية المتقدمة، والتقدير: زيدٌ قامَ أبوه وأكرمتُ خالدًا، فجملة أكرمت خالدا معطوفة على جملة قامَ أبوه.
وإذا قلتَ: وخالدٌ أكرمتًهُ، كانت الجملة اسمية وتكون معطوفة على جملة زيدٌ قامَ أبوهُ، لأنها ككل جملة اسمية لكونها مصدرة باسم.
خامسا: ترجيح الرفع.
وذلك فيما عدا ما تقدم لأن الأصل في الاسم المتقدم الرفع على الابتداء حيث لا مرجح لغيره، ولأن الرفع لا نحتاج معه إلى التقدير بخلاف النصب فهو يحوجنا إلى تقدير فعل. نحو: زيدٌ ضربتُه، وهذا أرجح من: زيدا ضربتُه.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 443