اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 393
يُنْصَبُ) المضارع في جواب الطلب باسم الفعل فلا يقال صهْ فنحدِّثَكَ بنصبه بل يجب رفعه.
(وَ) الثاني من الأسماء التي تعمل عمل الفعل (المصدرُ) وهو الاسم الدال على الحدث المجرد عن الزمان، المشتمل على حروف فعله أو أزيد منها، مثل ضرب يضرب ضربًا، فالضرب يشتمل على نفس أحرف فعله بلا زيادة، ومثل أكرم يكرم إكرامًا فالإكرام اشتمل على حرف زائد وهو الألف قبل آخره، ولهذا مثل المصنف بمثالين بقوله (كضربٍ وإكرامٍ) ليشير إلى أنه لا فرق بين كون المصدر مجردا أو مزيدا فيه فكلاهما يعمل عمل فعله ولكن بثمانية شروط هي: (إنْ حَلَّ محلَهُ فعلٌ معَ أَنْ أو مَا) المصدريتين نحو يسرني أداؤُكَ الواجبَ، فأداؤك: فاعل يسر وهو مضاف إلى فاعله وهو الكاف لأنها في محل رفع فاعل، والواجبَ مفعول به للمصدر، ويمكن أن يحل محله أن المصدرية والفعل أو ما المصدرية والفعل فتقول: يسرني أَنْ أديتَ الواجبَ إذا أردت المضي أي أنه قد تحقق منه الأداء، أو يسرني أَنْ تؤديَ الواجبَ إذا أردت الاستقبال لأن أن المصدرية إذا دخلت على الماضي أبقته على الزمن الماضي وإذا دخلت على المضارع عينته للاستقبال، أو يسرني ما تؤدي الواجبَ إن أردت الحال لأن ما المصدرية تصلح للأزمنة الثلاثة، فإذا لم يصح أن يحل الفعل مع أن أو ما محل المصدر فلا يصح عمله مثل: ضربًا زيدًا، فلا يصح نصب زيد بالمصدر بل هو منصوب بفعل محذوف تقديره اضرب، فالمصدر هنا يحل محله الفعل بدون أنْ أو ما فيقال: اضربْ زيدًا، ولا يقال: أَن اضربْ زيدا أو ما اضرب زيدًا (ولم يكنْ مصغَّرًا) فلا يقال: أعجبني ضُرَيْبُكَ زيدًا (ولا مضمرًا) فلا يقال: ضربي زيدًا حسنٌ، وهوَ خالدًا قبيحٌ، على أن خالدا مفعول به لهو العائد على المصدر (ولا محدودًا) بالتاء فلا يقال: أعجبتني ضربَتُكَ زيدًا؛ لأن ضربة مصدر مختوم بتاء دالة على المرة الوحدة أي ضربة واحدة.
(ولا منعوتًا قبلَ العملِ) فلا يقال أعجبني ضربُكَ الشديدَ زيدًا، لأن الضرب وصف بالشدة قبل أن يستوفي مفعوله، فإن أخرت الوصف جاز فتقول: أعجبني ضربُكَ زيدًا الشديدُ، فالشديد صفة للضرب (ولا محذوفًا) فلا يقال: ضربي زيدًا حسنٌ، وهوَ خالدًا قبيحٌ، على أن خالدا مفعول به لهو العائد على المصدر (ولا مفصولًا من المعمولِ) بأجنبي فلا يجوز في قوله تعالى: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) أن يجعل يومَ معمولا لرجعِهِ لأنه قد فصل بينهما بالخبر قادر وهو أجنبي عن المصدر، بل هو منصوب بفعل محذوف والتقدير يرجعُهُ يومَ تبلى السرائر (ولا مُؤخَّرًا عنهُ) أي عن معموله فلا يقال: أعجبني زيدًا ضربُكَ (وإعمالُهُ مضافًا أكثرُ) من إعماله غير مضاف (نحوُ) قوله تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) فدفع مبتدأ مرفوع وهو مضاف إلى فاعله والناس مفعوله والخبر محذوف وجوبا تقديره موجود (وقولِ الشاعرِ: أَلَا إنَّ ظلمَ نفسِهِ المرءُ بَيِّنٌ) ... إذا لمْ يصُنْها عنْ هوًى يَغْلِبُ العَقْلَا، والشاهد فيه هو إضافة المصدر وهو ظلم إلى مفعوله وهو نفسه والأصل ألا إِنَّ ظلمَ المرءِ نفسَهُ بيّنٌ، فتبين أن الإضافة إما أن تكون من إضافة المصدر إلى فاعله وهي الأكثر أو من إضافة المصدر إلى مفعوله وهي أقل (ومنونًا أقيسُ) أي إعماله منونا مجردا من أل والإضافة أقرب إلى القياس والنظر العقلي من إعماله مضافا أو مقرونا بأل لأنه إنما عمل لشبهه بالفعل والمصدر حينما يكون منكرا أقرب ما يكون للفعل لأن الفعل كضرب يدل على حدث منكر غير معين أي مطلق الضرب بخلافه حينما يكون المصدر معرفا بالإضافة أو بأل فإنه يبتعد عن الفعل الذي لا يدخله أل أو الإضافة التي هي من خصائص الاسم (نحوُ) قوله تعالى: (أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا) فيتيما مفعول به للمصدر إطعام، (و) إعماله مقترنا (بألْ شَاذٌّ) ضعيف فمن تكلم به لا يكون مخطئا ولكنه يكون قد خالف الفصيح من الكلام (نحوُ) قول الشاعر: (عجبتُ من الرِّزقِ المسيءِ إِلَهُهُ) ... ومِنْ تركِ بعضِ الصالحينَ فقيرا، فالرزق مصدر محلى بأل وقد أضيف إلى مفعوله ورفع فاعله إلهه، والشاعر يتعجب من إغناء المسيء وإفقار الصالح ونسي أن الدنيا لا تعدل جناح بعوضة عند الله.