responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2255
الاسم المنقوص: تعريفه، وذكر بعض من مسائله
ـ[عائشة]ــــــــ[28 - 06 - 2008, 02:45 م]ـ
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله.
قال ابنُ يعيش -ت 643هـ- في "شرح المُفصَّل" (1/ 56):
(والمنقوص: كُلُّ اسمٍ وَقَعَتْ في آخره ياء قبلها كسرة؛ نحو: "القاضي"، و"الدَّاعي"، و"قاضٍ"، و"داعٍ"؛ فهذا يدخلُه النَّصب وحده مع التَّنوين، ولا يدخله رفعٌ ولا جرٌّ. وإنَّما سُمِّي منقوصًا؛ لأنَّه نقص شَيْئَيْنِ: حَركةً، وحرفًا؛ فالحرَكة هي الضَّمَّة أو الكسرة، حُذِفَتْ للثِّقَل، والحرف هو الياء، حُذِفَ لالتقاء السَّاكِنَين؛ فنقول في الرَّفع: "هذا قاضٍ يا فتى"، وفي الجرِّ: "مررتُ بقاضٍ يا فتى"، وكان الأصلُ: "هذا قاضِيٌ"، بضمِّ الياء وتنوينها، و"مررتُ بقاضيٍ"، بكسر الياء وتنوينها أيضًا؛ فاستُثْقِلَتِ الضَّمَّة والكسرةُ على الياء المكسور ما قبلها؛ لأنَّها قد صارَتْ مدَّة كالألِف؛ لسعةِ مخرجِها، وكَوْنِ حَرَكة ما قبلها مِنْ جنسِها ... ؛ فحُذِفَتِ الضَّمَّة والكسرة ... ، ولمَّا حُذِفَتْ؛ سكنتِ الياء، وكان التَّنوين بعدَها ساكِنًا؛ فحُذِفَتْ لالتقاء السَّاكِنَين ... ؛ فلذلك تقول في الرَّفع: "هذا قاضٍ"، وفي الجرِّ: "مررتُ بقاضٍ"، قال الله تعالى: ?فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ?، وقال: ?عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ?. وتقول في النَّصب: "رأيتُ قاضيًا"؛ تثبت الفتحة؛ لخفَّتها، قال الله تعالى: ?إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ?، وقال: ?أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ? فاعرفْهُ) انتهى.
لكنْ: هل يتعذَّر ظهورُ الرَّفع والجرِّ في الاسم المنقوص؟
جاء في "شرح الأشموني على ألفيَّة ابن مالك" (ج1):
(وإنَّما لَمْ يَظْهَرِ الرَّفْعُ والجرُّ استثقالاً، لا تعذُّرًا لإمكانِهما. قال جرير:
* فَيَوْمًا يُوافينَ الهوَى غَيرَ ماضِيٍ *
وقال الآخر:
لَعَمْرُكَ ما تَدْرِي متى أنتَ جائِيٌ * ولكنَّ أقصى مُدَّةِ العُمْرِ عاجِلُ) انتهى.
وقال أبو حيَّان الأندلسيُّ -ت745هـ- في "التَّذييل والتَّكميل في شرح كتاب التَّسهيل" (1/ 211، 212):
(وقوله: "ويظهرُ لأجلها جَرُّ الياء ورفعُها، ورَفْعُ الواو"؛ يعني: يظهَر لأجل الضَّرورة، ومثال جرِّ الياء قولُ الشَّاعِر:
وَيَوْمًا يُوافينَ الهوَى غَيرَ ماضِيٍ * ويَوْمًا تَرَى منهنَّ غُولاً تَغَوَّلُ
وقولُ الآخَر:
كَذَبْتُمْ وَبيتِ اللهِ نُبْزَى محمَّدًا * وَلَمْ تُخْتَضَبْ سُمْرُ العَوالِيِ بالدَّمِ
وقولُه:
ما إنْ رأيتُ، ولا أرى في مُدَّتي * كَجَواريٍ يَلْعَبْنَ بالصَّحْرَاءِ
وقولُه:
فَلَوْ كنتَ حُرًّا ذَا وَفاءٍ جَعَلْتَنا * لعينيكَ من دُون الغَوَانِيِ مَقْنَعا
وقولُه:
لا باركَ اللهُ في الغوانِيِ هَلْ * يُصْبِحْنَ إلاَّ لهنَّ مُطَّلَبُ
ومثالُ رفعِها في الفِعْلِ: ما أنشدْناهُ قبلُ من قوله:
.................... * تُساوِيُ عِندي غيرَ خمسِ دَّراهِمِ
ومثالُ ذلك في الاسم قولُه:
تَرَاهُ، وقد فاتَ الرُّماةَ، كأنَّهُ * أمامَ الكلابِ، مُصْغِيُ الخَدِّ أَصْلَمُ
وقولُه:
وكأنَّ بُلْقَ الخيلِ في حافَاتِهِ * ترمي بهنَّ دَوَالِيُ الزُّرَّاعِ
وقولُ جرير:
وعِرْقُ الفَرَزْدَقِ شَرُّ العُروقِ * خَبيثُ الثَّرَى كابِيُ الأَزْنُدِ
ومثالُ رفعِ الواو ما أنشَدْناهُ قبلُ من قوله:
إذا قُلْتُ عَلَّ القَلْبَ يَسْلُوُ قُيِّضَتْ. البيت) انتهى.
وجاء في "همع الهوامع" (1/ 183، 184) للسُّيوطيِّ -ت911هـ-:
(ومَنَ الضَّرورةِ -أيضًا- ظهورُ الضَّمَّة والكسرة في ياء المنقوص؛ كقوله:
* خَبيثُ الثَّرَى كابِيُ الأَزْنُدِ *
وقوله:
* تُدْلِي بهنَّ دَوَالِيُ الزُّرَّاعِ *
وقوله:
* لا باركَ اللهُ في الغوانِيِ هَلْ *
وقوله:
* وَلَمْ يخْتَضَبْ سُمْرُ العَوالِيِ بالدَّمِ *) انتهى.
وسأذكرُ الآنَ ما يتعلَّقُ بالوَقْفِ على المنقوص إذا كان مرفوعًا أو مجرورًا.
جاء في "شرح المُفصَّل" (9/ 75) لابن يعيش -ت 643هـ-:
(فإنْ كانَتِ الياءُ ممَّا أسقطهُ التَّنوين؛ نحو: "قاضٍ، وجَوارٍ، وعَمٍ"= فما كان مِنْ ذلك: فلكَ في الوقفِ عليه إذا كان مرفوعًا أو مجرورًا وجهان:
أجودهما: حذفُ الياء؛ لأنَّها لَمْ تَكُنْ موجودة في حال الوَصْلِ؛ لأنَّ التَّنوين كان قد أسقطَها، وهو وإنْ سقَطَ في الوَقْف؛ فهو في حُكْمِ الثَّابت؛ لأنَّ الوَقْفَ عارضٌ؛ فلذلك: لا تردّها في الوَقْفِ. هذا مع ثِقَلها، والوَقْفُ محلُّ استراحة، فنقول: "هذا قاضْ، ومررتُ بقاضْ، وهذا عَمْ، ومررتُ بِعَمْ"، قال سيبويه: هذا الكلام الجيِّد الأكثر.
والوجه الآخَر: أنْ تُثْبِتَ الياءَ؛ فتقول: "هذا قاضِي، ورامِي، وغازِي"؛ كأنَّ هؤلاء اعتزموا حذف التَّنوين في الوَقْفِ؛ فأعادوا الياء؛ لأنَّهُمْ لَمْ يضطرُّوا إلى حذفِها كما اضطرُّوا في حال الوَصْل. قال سيبويه: وحدَّثَنا أبو الخطَّاب ويونُس أنَّ بعضَ مَنْ يُوثَقُ بعربيَّتِه مِنَ العَرَب يقول: "هذا رامِي، وغازِي، وعَمِي"؛ حيثُ صارَتْ في موضِع غير تنوين. وقرأ به ابن كثيرٍ في مواضعَ مِنَ القرآن؛ منها: ?إِنَّمَا أنتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي?.
هذا إذا أسقطَهَا التَّنوين في الوَصْلِ.
فإنْ لَمْ يُسقِطْها: فإنْ كان فيه ألِفٌ ولامٌ؛ نحو: "الرَّامي، والغازِي، والعَمِي"؛ فإنَّ إثباتَها أجود؛ فنقول في الوَقْفِ: "هذا الرَّامي، والغازِي، القاضِي"، يستوي فيه حالُ الوَصْلِ والوَقْفِ؛ وذلك لأنَّها لَمْ تَسْقُطْ في الوَصْل؛ فَلَمْ تَسْقُطْ في الوَقْفِ. وَمِنْهُمْ مَن يَحْذِفُ هذه الياء في الوَقْفِ؛ كأنَّهم شبَّهُوهُ بِما ليس فيه ألِفٌ ولامٌ، ثُمَّ أدخَلُوا فيه الألِف واللام بعد أنْ وَجَب الحذفُ؛ فيقولون: "هذا القاضْ، والرَّامْ") انتهى.

وقالَ ابن هشام -ت761هـ- في "أوضح المسالك" (ج4):
(فإنْ كان [المنقوص] مرفوعًا أو مجرورًا؛ جاز إثباتُ يائه وحذفها [في الوَقْف]؛ ولكنَّ الأرجح في المنوَّن الحذف؛ نحو: " هذا قاضْ "، و" مررتُ بقاضْ "، وقرأ ابنُ كثير: ?وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي?، ?وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالِي?؛ والأَرجَح في غير المنوَّن الإثبات؛ كـ "هذا القاضي"، و"مررتُ بالقاضي") انتهى.
هذا، والله تعالَى أعلم.
¥

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2255
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست