قال ابن مالك رحمه الله:
و"من" و"ما" و"أل" تساوي ما ذكر * ..............................
ما الدليل على أن "أل" الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول اسمٌ موصول؟
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 04:17 ص]ـ
زعمَ كثيرٌ من النحاةِ أنَّ (أل) تكون موصولةً اسميَّةً. ولهم حججٌ في هذا، أقواها أنَّ الضميرَ يعودُ إليها في نحوِ: جاءتني الضاربُها زيدٌ.
ويرى الأخفشُ - كما نسبوا إليه؛ وفي هذا نظرٌ - أنَّها لا تكونُ اسمًا موصولاً.
قلتُ:
وهو الصحيح، لأدلَّةٍ منها:
1 - تقدُّم الجار والمجرور عليها في فصيح الكلام؛ قال تعالى: ((وكانوا فيه من الزاهدين))؛ فلو كانت موصولاً اسميًّا، لم يجُز هذا. ولمَّا تورَّط القائلون بموصوليتها هنا، ألجأهم ذلك إلى تكلُّفِ التقديراتِ الغريبةِ.
وممَّا جرى مجرى الآيةِ قولُ الحماسيِّ:
تقول وصكت صدرها بيمينها ... أبعليَ هذا بالرحى المتقاعسُ
2 - أنَّ هذا اضطرَّهم إلى أن يجعلوه اسمًا لا محلَّ له من الإعرابِ. وفي هذا خروجٌ عن الأصلِ. والذي أراه أنَّ جميعَ الأسماء لها محلٌّ من الإعرابِ، لأنَّ الاسمَ موضوعٌ لأنْ يدُلَّ على المعاني الإعرابيَّة المتعاقبةِ، كالفاعلية، والمفعولية.
3 - أنَّ الحملَ على الثابتِ أو الأكثر أولَى من الحمل على ما في ثبوته نظرٌ. والثابت في " أل " أنها حرفُ تعريفٍ.
4 - أنَّ هذا يفضي إلى شيءٍ من العَنتِ في نحو: (زيد هو القائم)؛ فإن الكوفيَّ - كما حكى ابن عصفورٍ - يقدِّر في (القائم) ضميرين: الأول: يعودُ على الخبر. والثاني: يعودُ على " أل ".
- أما احتجاجهم بـ (جاءتني الضاربُها زيدٌ) فمردودٌ، فإن الضمير عائدٌ على الموصوف المحذوف. وقد حذفوه في نحو:
وكم مالئ عينيه من شيء غيره ... إذا راح نحوَ الجمرة البِيض كالدُّمى
ولولا أنّه مقدَّر، لما ساغَ عمل اسم الفاعل.
ومقتضَى احتجاجهم هذا أن تُعرب (أل) في هذا المثال فاعِلاً، لعودة الضمير إليها، كما عاد في (جاءتني المرأة المضروبة) إلى (المرأة)؛ وهي فاعل. وفي هذا نقض لرأيهم.
- ولو شئتُ أن أفصِّل في هذه المسألة، وأتقصَّى الأدلة، والاعتراضات، والجواب عنها = لطال الكلام. ولكن لعلَّه يُقدَر له موضعٌ آخرُ إن شاء الله.
ـ[عبد العزيز]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 12:52 م]ـ
بارك الله فيكم وأحسن إليكم أبا قصي، والذي ذهبتم إليه عين ما ظهر لي،
وأما الضمير في نحو "أفلح المتقي ربه" فعائد على الموصوف المحذوف كما ذكرتم،
قال ابن مالك:
وَمَا مِنَ المَنْعُوتِ وَالنَّعتِ عُقِل * يَجوزُ حَذْفُهُ وَفِي النَّعتِ يَقِل
نفع الله بكم
ـ[عائشة]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 02:50 م]ـ
الأُستاذ / أبا قُصَيٍّ
فَتَح الله عليكَ.
هل تأذن لي بالاستطرادِ إلى شيءٍ آخَر؛ هو: ضمير الفَصْل؛ فما القولُ فيه؟ إذْ قد ذَكَرْتَ -وفَّقكَ الله- أنَّ جميعَ الأسماءِ لها مَحَلٌّ من الإعرابِ، وقالوا في ضميرِ الفَصْلِ: إنَّه لا محَلَّ له مِنَ الإعرابِ. أوليسَ ضميرُ الفصل اسمًا؟ أم أنَّه خَرَجَ مِنَ الاسميَّة إلى الحرفيَّة؟
بارك الله فيكم،
مما دلَّ على أن (أل) لا [تساوي ما ذكر]، عدم جواز حذف الضمير المتصل المنصوب بالوصف الذي دخلت عليه، فلا يجوز: (جاءتني الضاربُ زيدٌ) في (جاءتني الضاربُها زيدٌ)، كما جاز: (جاءتني التي ضرب زيد) في (جاءتني التي ضربها زيد).
أختي الكريمة / عائشة
ضميرُ الفصلِ حرفٌ على الصحيح، لأنه دالٌّ على المعاني التي يَدلُّ عليها الحرفُ. وليس بمستنكَرٍ أن تكونَ الكلمةُ اسمًا، وحرفًا، كما ترين في (ما)، و (الكاف)، و (على)، وغيرِها.
---
أخي الكريم / عبد العزيز
الحجَّة التي أوردتَّ جيِّدةٌ؛ فمن ذكرَها؟
مع الشكر.
ـ[عبد العزيز]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 01:33 م]ـ
أخي الكريم / عبد العزيز
الحجَّة التي أوردتَّ جيِّدةٌ؛ فمن ذكرَها؟
بارك الله فيكم يا أبا قصيٍّ،
لا أعلمُ من ذكرها دليلا على أن (أل) لا تكون اسمًا، قال محي الدين عبد الحميد في حاشيَّته على شرحِ ابن عقيل: (واعلم أنَّه يُشترَط في حذفِ العائدِ المنصوبِ بالوصف ألاَّ يَكُون هذا الوصفُ صلةً لـ"أل"، فإن كان الوصفُ صلةً لـ"أل" كانَ الحذفُ شَاذَّا، كمَا في قولِ الشاعرِ:
مَا المُستفزُّ الهَوَى محمودُ عاقبةٍ * وَلَو أُتيحَ له صَفوٌ بلاَ كَدَرِ
كانَ َينبغِي أنْ يقولَ: مَا المستفزُّهُ الهوى محمودُ عاقبةٍ، فحذف الضمير المنصوب مع أن ناصبَه صلةٌ لـ "أل"، ومثله قول الآخر:
فِي المُعقبِ البغي أهلَ البغيِ مَا * ينهَى امرأً حازمًا أن يسْأمَا
أراد أن يقول: في المعقبه البغي، فلم يتَّسع له.
وإنما يَمْتنع حذفُ المنصوبِ بصلة "أل" إذا كان هذا المنصوب عائدًا على أل نفسها، لأنه هو الذي يدل على اسمية "أل"، فإذا حذف زال الدليل على ذلك.) اهـ.
فهذا شرطٌ زائدٌ، خاصٌّ بِـ (أل) دونَ غيرِهَا، عند من عَدَّها اسمًا مَوصُولا؛ وهو لغيرهم دليلٌ على حرفيتها.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1934