responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 165
تقديم التمييز على عامله
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[05 - 04 - 2014, 09:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
كنت قبل بضعة أيام أستمع إلى قصائد المفضليات، فسمعتُ بيتا فرحت به جدا، وليست هذه أول مرة أسمع فيها البيت أو أقرؤه، فقد سمعته وقرأته مئات المرات، لكن المرء كل ما تأمل استبان له الشيء بعد الشيء ما كان يراه، والبيت هو قول ربيعة بن مقروم الضبي:
وزعتُ بمثل السيد نهد مقلص * كميشٍ إذا عطفاه ماءً تحلَّبا
فإنه قدم فيه التمييز (ماءً) على عامله (تحلَّبا)، وإنما فرحت به لأنني أعلم أن هذه المسألة لا يكاد يوجد لها شاهد، فقلت في نفسي: أقيده عندي فإني ما سُبقت إليه، ثم مضت بضعة أيام، وذكرته اليوم، فلما أردتُ تقييده حسبتُ أنني قرأت في كتاب الشيخ فيصل المنصور (تدليس ابن مالك) أنه ما وُجد لهذه المسألة إلا شاهد واحد، وهو شاهد مشهور سننشده بعد قليل، وكنت قرأتُ كتاب أبي قصي قبل أسبوعين على عجل، فرجعتُ إلى الكتاب لأُثبت ذلك فوجدت الشيخ يقول: "وهذه المسألة لا يعرف النحاة فيها غير شاهد واحد وهو قول الشاعر:
أتهجر ليلى للفراق حبيبها * وما كان نفسًا بالفراق تطيبُ"
وأحال الشيخ في الحاشية على (شرح التسهيل)، فرجعتُ إلى (شرح التسهيل) فوجدتُ ابن مالك أنشد هذا البيت وأنشد قبله بيت ربيعة بن مقروم الذي أنشدناه، فعلمتُ أن ابن مالك -رحمه الله- سبقني إلى الاستشهاد ببيت ربيعة، ثم أنشد ابن مالك ثلاثة أبيات ظاهرة فيها الصنعة والوضع.
وقد عجبتُ من قول الشيخ أبي قصي إن النحاة لا يعرفون في هذه المسألة غير شاهد واحد، مع أن الشيخ أحال على شرح التسهيل، وبيت ربيعة موجود قبل هذا البيت، فهل الشيخ أبو قصي يرى في بيت ربيعة ما يخرجه عن صحة الاحتجاج به؟ وأي شيء ذلك؟
وأما البيت الذي أنشده الشيخ فهو بيت مشهور نُسب للمخبل السعدي، ونُسب لأعشى همدان، ونسبه ابنُ سيده لقيس بن معاذ أو الملوح العامري.
وقال البطليوسي في (الحلل):
"وهذا البيت أنشده أبو عثمان المازني على جواز تقديم التمييز على العامل فيه، إذا كان العامل فعلا متصرفا. ولا حجة فيه عند أصحابه، لوجهين:
أحدهما: أن هذا لم يُسمع إلا في الشعر، وما انفرد به الشعر ليس بأصل يقاس عليه، وإنما يوجه إلى الضرورة.
والوجه الثاني: أن أبا إسحاق الزجاج قال: إنما الرواية:
وما كان نفسي بالفراق تطيب"
وأنشدوا في تقديم التمييز على عامله إذا كان اسما جامدا قول الراجز:
ونارنا لم يُر نارًا مثلُها
قد علمت ذاك معدٌّ كلُّها
والشاهد في قوله: (نارًا)، فإنه تمييز تقدم على عامله الاسم الجامد، وهو (مثلُها).
والله أعلم.

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[06 - 04 - 2014, 05:14 م]ـ
أحسنتَ أبا حيَّان، ولا عدِمناك.
لم أذكرْ بيتَ ربيعةَ بنِ مقرومٍ لأنه لا يصِحُّ شاهدًا على هذه المسألةِ. وذلك أنَّ (عِطفاه) فاعلٌ لفعلٍ محذوفٍ يفسّره المذكورُ. والتقدير (إذا تحلَّب عطفاه ماءًا تحلَّبا). وإذن فالناصبُ للتمييز (ماءًا) هو فِعلٌ متقدِّمٌ محذوفٌ، وليس الفعلَ المذكورَ. وإنَّما قُدِّر محذوفًا لأن (إذا) لا يلِيها إلا فِعلٌ ظاهرٌ، أو مقدَّرٌ في قولِ عامَّة البصريِّينَ.
ومثلُه قولُه:
ولستُ إذا ذرعًا أضيقُ بضارعٍ ... ولا يائسٍ عندَ التعسُّرِ من يُسْرِ
والتقدير: (ولستُ إذا أضيقُ ذرعًا أضيقُ بضارعٍ).
ولذلك لم أعتدَّ به أيضًا حينَ ذكرتُ البيتين الصريحين اللذين وضعهما ابنُ مالكٍ.
وهناكَ بيتٌ آخرُ جارٍ على هذا الوجهِ أوردَه أبو حيَّان في (التذييل 9/ 265)، وهو قولُه:
(وقالَ بعضُ طيِّئ:
إذا المرءُ عينًا قرَّ بالأهلِ مُثريًا ... ولم يُعنَ بالإحسانِ كانَ مذمَّما).
وهو لابن مالكٍ. وقد عرضتُه في حاشية (ص 102). ولم أذكره أيضًا لأمرينِ:
الأول: أنَّه ليس في شيءٍ من كتبِ ابن مالكٍ المطبوعةِ. والذي أكادُ أجزِمُ به أنَّ أبا حيَّان نقلَه من بعض نُسَخ التسهيلِ. وتُراجع الحاشية المشار إليها.
الثانِي: أنَّه مُئوَّل بمثلِ ما أُوِّلَت به الشواهدُ الأخرَى الموضوعة، إذ التقدير (إذا قرَّ المرءُ عينًا قرَّ بالأهلِ).
وهنا أمرٌ يَلفت النظرَ، وذلك أنَّ عِدَّة أبياتِ هذه المسألة ستّةٌ، اثنانِ منها صحيحانِ، وهما قولُه: (وما كانَ نفسًا بالفراقِ تَطيبُ)، وقولُه: (إذا عطفاه ماءًا تحلّبا)، فبنَى ابنُ مالكٍ على البيتِ الأوَّلِ، فوضعَ قولَه: (أنفسًا تَطيبُ ...)، وقد أومأتُ إليهِ في الكِتاب. وبنَى على البيتِ الثاني، فوضعَ بيتينِ هما قولُه: (ولستُ إذا ذرعًا أضيقُ بضارعٍ)، وقوله: (إذا المرءُ عينًا قرَّ بالأهلِ ...)، ووضعَ بيتًا سادسًا لم يبنِه على شيءٍ، وذلك قولُه: (وما ارعويتُ ورأسي شيبًا اشتعلا).
وتفسِير البناءِ على البيتِ الثانِي هو تَكرارُه (إذا) الظرفيَّة سابقةً للتمييزِ. وهذا من التساوُقِ اللفظيِّ. فلمَّا سقطَ الاحتجاجُ بالبيتِ الصحيحِ المبنيِّ عليه، لحِقَه هذان البيتانِ.
وإذا كانَ كذلك، لم يبقَ في المسألةِ إلا شاهدٌ واحدٌ صحيحٌ هو قولُ الشاعرِ: (وما كانَ نفسًا بالفراقِ تطيبُ).
¥

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست